تعتزم الحكومة الألمانية الجديدة اتخاذ خطوات جادة نحو استئناف عمليات ترحيل اللاجئين إلى كل من سوريا وأفغانستان، في خطوة تُعدّ تحولًا جذريًا في سياسة البلاد تجاه ملف اللجوء، بعد سنوات من التجميد بسبب الأوضاع الأمنية والاعتبارات القانونية.
وأكد النائب البارز في الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ثورستين فري، في تصريح لصحيفة “بيلد”، أن الائتلاف الحاكم سيعمل على تنظيم رحلات ترحيل منظمة إلى هاتين الدولتين، مؤكدًا أن المواطنين “يمكنهم الوثوق” بأن الحكومة ستتخذ إجراءات صارمة بحق المدانين جنائيًا.
ويأتي هذا التصعيد بعد تنفيذ أول رحلة ترحيل إلى كابول في سبتمبر 2024، والتي شملت 28 شخصًا أدينوا بجرائم مختلفة، وهي العملية الأولى من نوعها منذ استيلاء حركة طالبان على السلطة في أفغانستان عام 2021.
سوريا.. عقبات سياسية وقانونية
ورغم التوجه المعلن، لا تزال الترحيلات إلى سوريا تواجه عراقيل عدة، أبرزها غياب علاقات دبلوماسية مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، إضافة إلى استمرار تصنيف سوريا كدولة “غير آمنة” من قبل معظم أجهزة اللجوء الأوروبية.
ويشترط القانون الأوروبي توافر جهة استقبال رسمية وضمانات قانونية تحظر التعذيب والمعاملة غير الإنسانية، وهي شروط لا تزال غير متوفرة، حتى بعد انهيار نظام بشار الأسد وتشكيل حكومة انتقالية.
النمسا تؤيد.. وسويسرا تتحفظ
وفيما أعربت النمسا عن تأييدها الكامل للخطوة الألمانية، مشيرة إلى أهمية التنسيق الإقليمي لمكافحة تهريب البشر واستغلال أنظمة اللجوء، أبدت سويسرا تحفظًا قانونيًا، محذرة من خرق محتمل للمعايير الأوروبية والدولية.
وأكد متحدث باسم الحكومة السويسرية أن بلاده “تحتفظ بحق الرد” في حال ثبت أن الإجراءات الألمانية تنتهك الاتفاقيات الثنائية أو القوانين الأوروبية، داعيًا إلى الالتزام بلائحة دبلن وميثاق جنيف للاجئين.
مراقبة مشددة وتزايد محاولات العبور
وعلى صعيد متصل، رصدت الشرطة الألمانية نحو 4500 حالة دخول غير نظامي عبر الحدود مع سويسرا، بين سبتمبر ومارس، ضمن حملة أمنية مشددة تهدف إلى الحد من تدفقات المهاجرين، ما أدى إلى رفض دخول العديد من الأفراد أو إنهاء إقامتهم فورًا.
ملف ساخن داخل الاتحاد الأوروبي
يتوقع أن تفتح الخطوة الألمانية بابًا جديدًا للنقاش داخل الاتحاد الأوروبي حول مستقبل سياسة اللجوء، في ظل تباين المواقف بين الدول الأعضاء وغياب استراتيجية موحدة لمعالجة أزمة الهجرة المتصاعدة.
ويرى مراقبون أن تصريحات الحكومة الألمانية تحمل في طياتها بعدًا سياسيًا داخليًا، موجهًا للرأي العام الذي بات أكثر ميلاً نحو التشدد في قضايا الهجرة، خاصة مع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة.
في المقابل، لا تبدي الحكومة السورية الجديدة حتى الآن أي رغبة في التنسيق مع الدول الأوروبية بخصوص ملف الترحيل، ما يعزز الاعتقاد بأن الطروحات الحالية أقرب إلى رسائل سياسية منها إلى خطط قابلة للتنفيذ في الوقت القريب.