في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة وتراجع الدعم الحكومي، يدق أطباء الأسنان في الدنمارك ناقوس الخطر، مؤكدين أن عدداً متزايداً من المرضى يضطرون إلى رفض علاجات ضرورية بسبب عجزهم المالي.
فحوصات الأسنان الروتينية، التنظيف، الأشعة، وعلاجات التسوس لم تعد في متناول الجميع، إذ أصبح كل ما يتعلق بصحة الفم يحمل عبئًا ماليًا متصاعدًا على كاهل المواطن الدنماركي.
ووفقًا لاستطلاع جديد أجرته جمعية طب الأسنان الدنماركية وشمل 260 عيادة أسنان، أشار 72٪ من الأطباء إلى أنهم يصادفون يوميًا أو عدة مرات في الأسبوع مرضى يرفضون الخضوع للعلاج اللازم لعدم قدرتهم على الدفع. وتشكل هذه النسبة ارتفاعًا واضحًا عن عام 2023، حيث كانت 69٪.
رئيس الجمعية صرّح قائلاً:
“من المقلق للغاية أن يتردد المرضى في تلقي العلاج الطبي الضروري بسبب وضعهم المالي. لو واجه الأطباء العامون نسبة مماثلة من رفض العلاج لأسباب مادية، لكانت البلاد أمام أزمة صحية وطنية. ولكن عندما يتعلق الأمر بصحة الفم، فإن المريض يُترك وحيدًا أمام فاتورة العلاج.”
ثلث السكان يمتنعون تمامًا عن زيارة طبيب الأسنان
المشكلة لا تتوقف عند رفض العلاج، بل تشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل ثلاثة دنماركيين يتجنب زيارة طبيب الأسنان بالكامل، وهو ما ينذر بعواقب وخيمة، حيث يمكن أن تتطور أمراض الفم غير المعالجة إلى التهابات ومضاعفات تؤثر في الصحة العامة.
تكاليف تتجاوز التضخم
تشير بيانات هيئة الإحصاء الدنماركية إلى أن تكاليف علاج الأسنان ارتفعت بنسبة 73.7٪ خلال العشرين سنة الماضية، مقارنة بزيادة عامة في الأسعار لم تتجاوز 44٪ في نفس الفترة. ويؤكد رئيس الجمعية أن هذا الارتفاع لا يقابله دعم كافٍ من الدولة، بل على العكس، تم تقليص المساهمات الحكومية، ما زاد العبء على المرضى.
دعوات لإصلاح جذري
تطالب جمعية أطباء الأسنان الجهات الحكومية بإعادة النظر في هيكلة تمويل خدمات طب الأسنان، والتعامل معها كجزء لا يتجزأ من النظام الصحي الوطني، لا كخدمة إضافية يدفع ثمنها المواطن من جيبه.
وفي ظل الأزمة المتصاعدة، يبقى السؤال: هل تتجه الدنمارك نحو أزمة صحية جديدة تُركّز في الفم والأسنان، لكنها تمتد آثارها إلى صحة المجتمع ككل؟
المصدر: الدنمارك من كل الزوايا (بتصرف)