ذات صلة

جمع

#النرويج تواجه ارتفاعًا غير مسبوق في تغيب الموظفين عن العمل, والسبب ؟!

في الربع الثاني من عام 2024، شهدت النرويج ارتفاعًا...

زيادة في أسئلة الشباب حول الحرب في #النرويج

الآونة الأخيرة، لاحظ موقع Ung.no، وهو خدمة معلومات عامة...

قلعة أكيرشوس: الحصن التاريخي الشامخ في قلب #أوسلو

تُعد قلعة أكيرشوس (Akershus Festning) من أبرز المعالم التاريخية...

السلطات #الهولندية تعتقل المؤثرة أسيل الكاشف

نشرت صحيفة Dagelijksestandaard الهولندية مقالًا مطولًا تناولت فيه تصاعد...

تأثيرات الهجرة في #النرويج

شهد المجتمع النرويجي تغييرات ملحوظة خلال العقود الأخيرة بسبب...

قلعة أكيرشوس: الحصن التاريخي الشامخ في قلب #أوسلو

تُعد قلعة أكيرشوس (Akershus Festning) من أبرز المعالم التاريخية في النرويج، ورمزًا للصمود والقوة في وجه الغزاة عبر العصور. تقع القلعة على تلٍّ مُطل على ميناء أوسلو، ما منحها موقعًا استراتيجيًا جعلها تلعب أدوارًا متعددة على مدى أكثر من 700 عام. من حصن دفاعي إلى مقر ملكي وسجن وحتى متحف وطني، تعكس القلعة تاريخ النرويج الحافل بالتحديات والانتصارات.

البداية: بناء القلعة ودورها الدفاعي

 

بدأ بناء قلعة أكيرشوس في أواخر القرن الثالث عشر، وتحديدًا في عهد الملك هاكون الخامس (1299–1319)، بعد أن تعرضت أوسلو لهجوم من القوات السويدية عام 1287. أراد الملك إقامة حصن دفاعي منيع يحمي المدينة من الغزاة ويوفر ملجأً للعائلة المالكة في أوقات الأزمات.

 

بُنيت القلعة على الطراز القوطي، مع تحصينات قوية وأبراج مراقبة تمنح المدافعين رؤية بانورامية على الميناء والمناطق المحيطة. وخلال العصور الوسطى، صمدت أكيرشوس في وجه العديد من الهجمات، ولم تُخضع بالقوة أبدًا؛ إذ استسلمت فقط عندما كانت المدينة بأكملها تواجه احتلالًا أو غزوًا لا يمكن مقاومته.

عصر النهضة: التحول إلى مقر ملكي

 

في القرن السابع عشر، شهدت القلعة تحولات معمارية كبيرة في عهد الملك كريستيان الرابع، الذي أمر بتوسيع القلعة وتحويلها من حصن عسكري بحت إلى مقر ملكي يتميز بالفخامة على الطراز المعماري لعصر النهضة.

 

تمت إضافة قاعات استقبال فاخرة، وغرف ملكية مزينة بلوحات جدارية، كما زُوِّدت بأسلحة ومدافع أحدثت في ذلك الوقت، ما جعلها تستمر في أداء دورها الدفاعي إلى جانب كونها مقرًا للحكم.

 

القلعة كسجن: صفحات من الظلام

 

إلى جانب دورها كحصن ملكي، تحولت أكيرشوس في بعض فتراتها إلى سجن شديد الحراسة. على مدار قرون، احتُجز في زنازينها سجناء سياسيون وجنائيون، وعُرفت بكونها مكانًا لا يخرج منه أحد بسهولة.

 

من أشهر السجناء كان “جيرلوف نيلسون”، القائد النرويجي الذي تمرد ضد الحكم الدنماركي في القرن السادس عشر. كما كانت القلعة مسرحًا لعدة عمليات إعدام، ما أضفى عليها سمعة مرعبة خلال تلك الفترة.

الحرب العالمية الثانية: الاحتلال الألماني

 

خلال الحرب العالمية الثانية (1940–1945)، عندما احتلت القوات النازية النرويج، استولت على قلعة أكيرشوس واستخدمتها كمركز للقيادة العسكرية. في تلك الفترة، أُعدم عدد من أفراد المقاومة النرويجية في باحات القلعة، ما جعلها رمزًا للتضحية والوطنية بالنسبة للشعب النرويجي.

 

بعد انتهاء الحرب، تحولت القلعة إلى موقع لتخليد ذكرى من سقطوا دفاعًا عن حرية النرويج، حيث أُقيم نصب تذكاري لهم داخل أسوارها.

القلعة اليوم: معلم سياحي وموقع ثقافي

 

اليوم، أصبحت قلعة أكيرشوس واحدة من أبرز الوجهات السياحية في أوسلو، حيث تستقطب آلاف الزوار سنويًا. يمكن لزائري القلعة التجول في الممرات الحجرية العتيقة، وزيارة الأبراج التاريخية، واستكشاف القاعات الملكية التي تعكس الفخامة التي كانت عليها في عصرها الذهبي.

 

تضم القلعة عدة متاحف، من أبرزها:

 

متحف المقاومة النرويجية: يعرض تفاصيل النضال النرويجي ضد الاحتلال النازي خلال الحرب العالمية الثانية.

 

متحف القوات المسلحة النرويجية: يُبرز تاريخ الجيش النرويجي، بدءًا من العصور الوسطى وحتى العصر الحديث.

 

إضافة إلى ذلك، تُقام في القلعة احتفالات رسمية ومراسم عسكرية، كما أنها تُستخدم أحيانًا كموقع لاستضافة الحفلات الموسيقية والمناسبات الثقافية

الرمزية الوطنية وأهمية القلعة

 

أكيرشوس ليست مجرد حصن حجري، بل رمزٌ وطنيٌّ للشجاعة والمقاومة عبر العصور. خلال تاريخها الطويل، جسّدت القلعة قوة النرويجيين في الدفاع عن أرضهم وهويتهم، لتبقى شاهدًا صامدًا على التغيرات التاريخية التي مرت بها البلاد.

 

اليوم، تقف أكيرشوس شامخةً وسط أوسلو، حارسةً لذاكرة النرويج، وملهمةً للأجيال القادمة بقصص صمودها. زيارة القلعة ليست فقط رحلة عبر الزمن، بل فرصة لاستشعار روح المكان الذي احتضن ملوكًا ومحاربين، وكان شاهدًا على انتصارات وصراعات خلدها التاريخ.

إذا وجدت نفسك يومًا ما في العاصمة النرويجية، فلا تفوّت فرصة زيارة قلعة أكيرشوس. سواء كنت مهتمًا بالتاريخ، أو تبحث عن إطلالة خلابة على ميناء أوسلو، ستأخذك القلعة فيرحلة عبر القرون، لتروي لك قصتها التي لا تزال تكتب فصولها حتى اليوم.

 

spot_img