على الرغم من تراجع التضخم في النرويج، تشهد أسعار الإيجار ارتفاعات ملحوظة. وأظهرت الأرقام الجديدة ارتفاع الأسعار بنسبة 20 بالمئة خلال العامين الماضيين فقط، حيث يبلغ متوسط الإيجار الشهري في أوسلو حاليًا حوالي 19,000 كرونة نرويجية.
أصبح استئجار شقة في أوسلو ومعظم مناطق البلاد أكثر تكلفة بشكل ملحوظ، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 20.4 بالمئة خلال السنتين الأخيرتين.
تشهد مدن بيرغن وستافنجر وضعًا مشابهًا، حيث يبلغ متوسط تكلفة الإيجار الشهري نحو 17,000 كرونة نرويجية، حسبما أفادت منظمة العقارات الوطنية Eiendom Norge، بينما يبلغ المتوسط في تروندهايم حوالي 15,000 كرونة. ويصل متوسط الإيجار على مستوى البلاد إلى 12,487 كرونة نرويجية شهريًا، بما في ذلك المناطق الصغيرة والريفية ذات الأسعار الأقل.
أوضح هنينغ لوريدسن، رئيس منظمة Eiendom Norge، أن أسعار الإيجار بدأت في الارتفاع السريع بعد جائحة كورونا. وأشار إلى أن نسبة الزيادة البالغة 20.4 بالمئة تتجاوز مجموع الزيادات في السنوات التسع السابقة.
رغم ارتفاع أسعار الإيجار بنسبة 7.4 بالمئة من العام الماضي إلى هذا العام، إلا أن أسعار شراء المنازل لم ترتفع إلا بنسبة 2.6 بالمئة. ويُعزى ذلك إلى انخفاض العرض المتاح من وحدات الإيجار، حيث اختفى نحو 6,000 شقة مملوكة لمستثمرين على مستوى البلاد، وفقدت أوسلو وحدها 14 بالمئة من وحداتها السكنية الثانوية (مساكن ثانية تُشترى للتأجير) منذ عام 2019، وفقًا لاتحاد الوسطاء العقاريين النرويجي (NEF).
صرّح كارل أو. جيفينغ، مدير NEF، لصحيفة داغنز نارينغسلِف (DN) بأن هذا الانخفاض الكبير في العرض يشكل مصدر قلق. وأكد، إلى جانب لوريدسن، أنهما قلقان بشأن تراجع المعروض من وحدات الإيجار في ظل تزايد الطلب عليها.
تأتي الزيادة الكبيرة في أسعار الإيجار بسبب ارتفاع التكاليف الشهرية لأصحاب الوحدات المؤجرة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة وزيادة رسوم الخدمات العامة ورسوم جمعيات الملاك، مما يدفع الملاك إلى رفع الإيجار لتغطية هذه التكاليف.
في مدن سياحية مثل ترومسو، يفضل بعض ملاك العقارات تأجير الوحدات للزوار على المدى القصير بأسعار أعلى مما يحصلون عليه من عقود الإيجار طويلة الأجل.
عامل آخر مؤثر في سوق الإيجار هو تعديل الضرائب الحكومية الذي يتطلب من المستثمرين الآن دفع ضريبة الثروة على القيمة السوقية الكاملة للعقارات غير المأهولة، مما دفع العديد من المستثمرين إلى بيع وحداتهم الإيجارية.
ومع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة وصعوبة شراء المنازل، يواجه المستأجرون تكاليف قياسية. وذكرت آن-ريتا أندال، رئيسة جمعية المستأجرين Leieboerforening، لصحيفة DN أن الارتفاع الحاد في الأسعار أجبر بعض المستأجرين على تقليل وجباتهم أو التعايش مع البرد في منازلهم. وتشير إلى أن المستأجرين باتوا يخشون الشكوى من أي عيوب في الوحدات، خوفًا من رفع الإيجار أو الطرد، نظرًا للطلب العالي على الوحدات المتاحة.
وصفت أندال الوضع بأنه “عاصفة مثالية في سوق الإيجار”، مشيرة إلى تزايد الضغط على السوق في وقت تحتاج فيه النرويج إلى توفير مساكن لـ 72,000 لاجئ أوكراني، دون توفر عدد كافٍ من المساكن العامة.
ويعتبر جيفينغ من NEF أن الارتفاع الحاد في أسعار الإيجار قد أصبح مشكلة اجتماعية، مشيرًا إلى أنه قد يصبح من المستحيل على المستأجرين الادخار لشراء منزل خاص، مما يجعل سوق الإيجار “فخًا للفقر”.
ويحث جيفينغ على تقديم حوافز سياسية لجذب المستثمرين إلى سوق الإسكان، بما في ذلك تخفيض ضريبة الثروة المرتفعة في النرويج. كما يأمل أن تنخفض أسعار الفائدة قريبًا، على الرغم من عدم توقع الاقتصاديين لأي تخفيض قبل عام 2025.
وكالات