تقترح الحكومة النرويجية زيادة ميزانية الدفاع لعام 2025 بمقدار 19.2 مليار كرونة نرويجية، ليصل إجماليها إلى 110.1 مليار كرونة نرويجية.
حقق قطاع الدفاع مكاسب كبيرة في الميزانية الجديدة للدولة، لكن لا يزال حاجة إلى تقليص النفقات
برز رئيس الدفاع النرويجي إيريك كريستوفرسن كأحد أبرز المستفيدين من الميزانية الحكومية التي أُعلنت يوم الاثنين، حيث حصل على زيادة كبيرة بنسبة 21٪ مقارنة بالعام السابق. رغم ذلك، تعامل مع الأمر بهدوء مصحوب بالحذر، مشيرًا إلى أهمية “إصلاح الهيكل الحالي” داخل الدفاع، وخفض النفقات مع التركيز على تطوير برامج أكثر فعالية، مع الاستمرار في تقديم الدعم لأوكرانيا.
تهدف الزيادة الكبيرة في الميزانية إلى تحقيق الأهداف الاستراتيجية طويلة الأمد وضمان أن النرويج لن تكتفي بالوصول إلى هدف الناتو بإنفاق 2٪ من الناتج القومي الإجمالي على الدفاع، بل ستتجاوز هذا الهدف. تم التأكيد على ذلك خلال اجتماع عُقد بين كريستوفرسن والمراسلين الأجانب في أوسلو صباح الاثنين، حيث اقترحت الحكومة النرويجية تخصيص 110.1 مليار كرونة نرويجية للدفاع في عام 2025، مقارنة بـ 90.9 مليار كرونة في هذا العام. يمثل هذا المبلغ الجديد 2.16٪ من الناتج القومي الإجمالي للنرويج.
وأوضح وزير الدفاع بيورن أريلد غرام من حزب الوسط: “الحكومة تضع أولوية كبرى لأمن البلاد في ظل الأوضاع العالمية غير المستقرة”، مضيفًا: “نحن نعمل على تعزيز القدرات الدفاعية في جميع أنحاء البلاد وزيادة قدرتنا على الحفاظ على السيطرة الوطنية. ومع هذه الميزانية، تتولى النرويج مسؤولية أكبر عن أمنها وأمن حلفائها في الناتو، بما يتماشى مع الخطة طويلة الأجل الجديدة لقطاع الدفاع.”
يتعين الآن على كريستوفرسن توجيه التمويل الجديد بشكل فعال وفقًا لخطة تحديث الجيش الممتدة على مدى 12 عامًا. وقد حذر بعض المنتقدين من زيادة الميزانية دون رقابة كافية على الاستثمارات. وأشار معهد أبحاث الدفاع (FFI) في تقرير سابق إلى أن الجيش قد قلل من تقدير تكاليف العمليات والصيانة بشكل مستمر عند شراء المعدات، مثل الفرقاطات ومقاتلات F35. كما لفت المدقق الوطني الانتباه إلى التأخيرات والمشكلات المتعلقة بالاستثمارات الرأسمالية في الجيش.
من جهته، وصف كريستوفرسن التوسع في الدفاع بأنه “جهد ضخم” يخضع لمراقبة صارمة للتكاليف ويتطلب تعاونًا وثيقًا مع الصناعة لتطوير المعدات العسكرية والحفاظ عليها، إضافة إلى تعويض المخزونات التي تم إرسالها إلى أوكرانيا. وتشمل أولوياته الرئيسية أيضًا استمرار دعم أوكرانيا، تعزيز القدرات الدفاعية للنرويج، والمساهمة في التحول الأخضر لمواجهة تغير المناخ.
بعد مرور عامين على غزو بوتين، أصبحت الضغوط على الصناعة لتوفير المعدات العسكرية هائلة. معظم الدول، بما في ذلك النرويج، تعمل على إعادة بناء دفاعاتها. وعلى الرغم من أن الاحتياجات كبيرة، وخاصة بالنسبة لأنظمة الدفاع الجوي في النرويج، فإن كريستوفرسن يشعر بالقلق من ضعف القدرة الصناعية. وقال: “الأسعار ترتفع بشكل ملحوظ”، حيث زادت بمعدل يصل إلى ضعفين أو ثلاثة مقارنة بما كانت عليه قبل الغزو. وأضاف: “نحن نستثمر أكثر، لكن نحصل على أقل”، مما يزيد من الحاجة إلى تعاون أكبر بين حلفاء الناتو والبحث عن طرق أكثر كفاءة للعمل.
وأشار كريستوفرسن إلى سرعة تعبئة القوات الأمريكية بعد الهجوم على بيرل هاربر في هاواي في 7 ديسمبر 1941. واستغرق الأمر عامين ونصف فقط حتى تمكنت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون من غزو نورماندي في يونيو 1944، ودفع القوات الألمانية إلى التراجع والفوز بالحرب في أوروبا خلال أقل من عام.
وأوضح كريستوفرسن أن التطور السريع في تكنولوجيا الطائرات بدون طيار “يُظهر كيف يمكن أن تتغير الأمور بسرعة”. وأضاف: “نحتاج إلى أن نكون أكثر مرونة في استثماراتنا، وضمان أن تكون خطوط الإنتاج جاهزة”. ويرى أن موضوع التعبئة “يستدعي مناقشة جادة”.
في الوقت نفسه، لا يعتقد كريستوفرسن أن بوتين يرغب في غزو المزيد من الدول المجاورة التي قد تؤدي إلى حرب مع الناتو. وأكد أن “تكلفة هذه الحرب على روسيا كانت هائلة”، سواء من حيث المال أو الأرواح. وأضاف: “أعداد الضحايا الروس مرتفعة جدًا، وهي صادمة”. كما يعتقد أن بوتين يدرك أنه لن يربح حربًا ضد الناتو، مشيرًا إلى أن “الناتو أقوى بكثير من روسيا”. ورغم أن القوات البحرية والجوية الروسية في الشمال لا تزال تقريبًا كما هي، فإن الألوية الروسية التي كانت تتمركز على طول الحدود الشمالية قد تم إرسالها إلى أوكرانيا، حيث تكبدت خسائر فادحة.
على الرغم من ذلك، تعزز النرويج وفنلندا حدودهما مع روسيا، وتزيد النرويج من استثماراتها في الدفاع في الشمال، وربما تنشئ لواءً جديدًا في فينمارك بالقرب من شبه جزيرة فارانغر. وأكد كريستوفرسن: “نحن نستثمر المزيد في الدفاع في الشمال، وهذا أمر بالغ الأهمية في المناطق الحساسة”. وأضاف: “يجب أن نكون متواجدين هناك”.
وكالات