بلقان إنسايت – ترجمة: ربى خدام الجامع تلفزيون سوريا
في عام 2015، عندما بدأت أزمة الهجرة في أوروبا، بثت إحدى المحطات التلفزيونية الصربية تقريراً حول مدير إحدى المنظمات الصربية – السورية المحلية وكيف صار يقدم الغذاء والبطانيات للمهاجرين واللاجئين الذين وصلوا إلى دول البلقان لينتقلوا منها إلى أوروبا الغربية، وكان غالبيتهم من حملة الجنسية السورية.
في ذلك التقرير تحدث مؤسس تلك المنظمة ومديرها، واسمه آلان ديوب باسل، فقال: “علي أن أساعد شعبي الذي فر من الحرب”.
ولد باسل في سومبور، وهي مدينة تقع شمال غربي صربيا، بالقرب من الحدود مع هنغاريا وكرواتيا، أي على التخوم الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وبما أنه ولد لأم صربية وأب سوري، لذا نشأ باسل ناطقاً بلغتين، وقد ساعدته تلك المهارة في العثور على عمل في مجال الترجمة لدى مفوضية اللاجئين والهجرة التابعة للدولة الصربية، إلى جانب عمله لدى المنظمات غير الحكومية التي تعالج قضايا اللاجئين والمهاجرين، وعمله لدى الشرطة الصربية.
تهريب البشر
إلا أنه لم يكتف بهذا العمل فحسب، إذ ذكرت مصادر بأن باسلاً، 45 عاماً، يعمل مهرباً للبشر أيضاً، وبأنه عضو في عصابة تستخدم الابتزاز في عملها، كما أنه مستعد لرشوة أي شخص في سبيل الهيمنة على المجال المربح للاتجار بالبشر في صربيا مستعيناً بعلاقاته ضمن جهاز الشرطة.
كشفت تسجيلات صوتية له، سجلها أحد المصادر الذين تواصلوا مع مساعدين سابقين لباسل، والذي نقل كل تلك التسجيلات إلى موقع بلقان إنسايت المعروف باسم بيرن، بالإضافة إلى صور وفيديوهات له، إلى أي مدى تسيطر جماعته على قطاع واسع من منطقة التهريب في مدينته الصربية الأم الواقعة شمال غربي البلاد.
وقد قدمت تلك المواد أدلة حول العنف الذي تمارسه عصابة باسل، وتعاونه في ذلك مع ضباط في الشرطة، أهمهم شخص يدعى “الرائد ديكي”، وهذا الاسم هو اختصار للاسم الصربي المعروف “ديان”، بالإضافة إلى الأدلة التي تثبت وصول آلاف اليوروهات ليد تلك العصابة.
في إحدى التسجيلات يتحدث مهرب سوري فيقول: “يتعين عليك أن تدفع في أي مكان ترغب بالعمل فيه، فهو يؤمن لكم مكاناً، لذا إن أتى أشخاص آخرون دون أن يدفعوا لآلان (أي باسل)، فسيبلغ الشرطة عنهم”.
“أنا مترجم في المحكمة ولست مهرباً للبشر”
عندما اتصل موقع بلقان إنسايت بباسل ليسأله عن تلك المزاعم التي تتصل بتورطه ضمن تجارة الاتجار بالبشر، أنكر تلك الاتهامات، وقال: “إنني مترجم في المحاكم، فأنا أعمل لدى المحكمة وبالطبع يرد اسمي في السياق، لأني موجود هناك بجانب المدعي العام، ولأنني أتعامل مع المحكمة”.
وقد أنكر باسل معرفته بأبي عمر، بالرغم من أن موقع بلقان إنسايت حصل على صورة تجمعهما سوية، وتسجيل لمحادثة بينهما، إذ علق على ذلك قائلاً: “لا أعرفه. مهلاً! هل أنت مفتش.. أم صحفي؟ وداعاً!” ثم أغلق الهاتف.
تواصل موقع بلقان إنسايت مع الشرطة الصربية ليسمع رأيها عن الموضوع، لكن لم يصله أي رد حتى تاريخ نشر هذا الخبر.
“إنني صاحب سلطة في صربيا”
تحدث أحد العاملين في منظمة غير حكومية تعامل مع باسل خلال فترة عمله لدى مفوضية اللاجئين والهجرة الصربية، لموقع بلقان إنسايت شريطة عدم ذكر اسمه، حول وجود عدد كبير من المهاجرين واللاجئين الذين اتهموا باسل بأنه طلب منهم المال مقابل رفع أسمائهم ضمن قائمة رسمية تعدها المفوضية حول من يجب أن يُسمح لهم بدخول هنغاريا بعد إغلاق الحدود في عام 2015.
إذ في ذلك الحين، كانت الشرطة الهنغارية تسمح بعبور 10 مهاجرين يومياً من كل معبر حدودي.
إلا أن ما فعله كان مجرد بداية، إذ من خلال المعلومات المستخلصة من تسجيلات صوتية امتدت لساعات، وثقها موقع بلقان إنسايت بمفرده من خلال مصادر خمسة، بينهم مسؤول أمني من صربيا، يمكننا أن نتخيل صورة رجل لا يعرف قلبه الرحمة، كان يشغل منصب مدير منظمة في ذلك الحين، لكن كان لديه 15 سائقاً يقومون بتهريب البشر ونقلهم عبر الحدود بحسب ما ورد على لسان أحد المصادر.
تقوم تلك العصابة باستئجار نقاط على الحدود لصالح مهربين آخرين، مقابل دفع مبلغ لمرة واحدة يعادل 20 ألف يورو، وخمسة آلاف يورو إضافية تدفع شهرياً كبدل إيجار، أو 200-300 يورو عن كل شخص يتم تهريبه عبر الحدود، بحسب ما ذكره أحد المطلعين على تلك التسجيلات. كما زعمت مصادر تعرف عناصر تلك العصابة وأنشطتها بأن رجلاً يدعى أبا عمر يعمل كنائب لباسل.
ففي إحدى التسجيلات، نسمع صوت رجل سوري تورط في عمليات التهريب وهو يقول: “اتصلت بأبي عمر وقلت: أعطني مكاناً في ريدييكا لأعمل به، فقال: حسناً، ولكن ادفع المال لآلان… 20 ألف يورو”. وريدييكا هي عبارة عن قرية تقع على الحدود الصربية-الهنغارية، شمالي مدينة سومبور.