قال موقع ميديابارت (Mediapart) الفرنسي إن قرابة 50 شابا أجنبيا كان قد تم إيواؤهم في منطقة إيسون قرب باريس، معظمهم من غينيا ومالي وأفغانستان، سيلقون بالشارع في نهاية الأسبوع، لإعطاء مكانهم للاجئين من أوكرانيا، وإن كانت مقاطعة إيسون تنفي ذلك متذرعة بحجج أخرى.
وفي تقرير أعدته نجمة إبراهيم، قال الموقع إن الشباب الأجانب في مركز الإيواء بإيسون، قد وصلتهم شائعات قبل أسبوعين، تقول بإمكان إعادتهم إلى الشارع قريبا للتعامل مع وصول اللاجئين الأوكرانيين الوشيك إلى إيل دو فرانس، وبالفعل نشرت جمعية يوتوبيا 56 لمساعدة المغتربين، رسائل على الشبكات الاجتماعية بعث بها أحد سكان الملجأ تنبئ بقلقه من احتمال طرده.
وقال هذا المقيم الأجنبي لمتطوع من يوتوبيا 56 يوم 8 مارس/آذار “قيل لنا إنه سيتم طردنا يوم 15 (مارس/آذار). في اليومين الماضيين وصل العديد من الأوكرانيين. هل سبق أن طردت المقاطعة أحدا؟ أنا خائف ولم أستطع النوم” غير أن المقاطعة -وإن أجلت طردهم- قررت يوم الثلاثاء إخراجهم من المأوى، وأعطتهم مهلة حتى يوم الجمعة لمغادرة المبنى قبل الخامسة مساءً، دون تقديم أي حل بديل.
وكان 49 شابا، معظمهم ممن قدموا استئنافا للاعتراف بأنهم قاصرون، من أجل الحصول على الرعاية من قبل الخدمات الإدارية للمساعدة الاجتماعية للطفولة، قد تم وضعهم في هذا الفندق السابق للفورمولا 1، الذي تم تحويله إلى مركز إيواء للطوارئ، بعد عملية إيواء نظمتها محافظات منطقة إيل دو فرانس وباريس في 19 يناير/كانون الثاني 2022 بمنطقة بيرسي.
تأكيد الطرد
يقول أحد سكان المبنى للموقع واسمه عمر (17 عاما) وهو إيفواري وصل إلى فرنسا في يوليو/تموز 2021 ويدعي أنه لم يكن لديه أي حل للإقامة من قبل “نمنا لعدة أسابيع هناك تحت الجسر. لقد عشنا دائمًا في الخارج، هذا هو المنزل الوحيد الذي لدينا في فرنسا”.
ويوم الثلاثاء، أخبرهم رئيس الجمعية التي ترعاهم “اكبروا معا”، أنهم سيضطرون إلى المغادرة. ويضيف عمر “أخبرنا أن المحافظة أرادت طردنا منذ فترة طويلة جدا، وأنه حاول أن يشرح لهم أنه ليس لدينا مكان نذهب إليه. ما فهمناه هو أنهم عليهم إفساح المجال للأوكرانيين. وصل كثير منهم إلى المركز في حافلات، أما بالنسبة لنا فما العمل؟ نفس الحافلة التي أتت بنا إلى هنا ستعيدنا إلى بيرسي لننام تحت خيمة، فليس لدينا مكان نذهب إليه”.
وبحسب عدد من المصادر المقربة من الأهالي وجمعية “اكبروا معا”، هذا بالفعل مخرج “فيه صلافة”. وتتساءل إحداهن، مؤكدة أن المقاطعة كانت تخطط منذ أسبوعين لطردهم في مجموعات صغيرة لعدم لفت الانتباه “ماذا سيحل بهؤلاء المغلوبين على أمرهم إذا أعيدوا غدا إلى الشارع؟”، وعلقت أخرى “لقد أرادوا التكتم على القضية”، مبدية اشمئزازها من “الاختلاف في المعاملة” بين المنفيين على الأراضي الفرنسية، في سياق استقبال اللاجئين من أوكرانيا بكرامة.
وقد أكدت مقاطعة إيسون -عند اتصال الموقع بها- طرد الشباب، ولكنها قدمت تفسيرا مختلفا، إذ أوضحت أن هؤلاء المهاجرين الشباب قد تم قبولهم في موقعين، ولكن دعمهم بموجب المساعدة الاجتماعية للطفولة في مختلف الإدارات، قد تم رفضه ولم تعترف بقصورهم، والطعون التي قدموها لا تخولهم الدعم، لذلك فهم بالغون ويخضعون للقانون العام.
وقد أتاحت المقاطعة لهؤلاء الشباب الذين ينحدرون من غينيا ومالي والسنغال وكوت ديفوار وأفغانستان، فرصة زيارة مقرها لتقديم طلب لجوء، معتبرين أن فرصهم في الحصول على اللجوء كانت منخفضة بسبب بلدهم الأصلي، كما دعتهم للذهاب إلى أنظمة القانون العام مثل 115، مؤكدة أن إنهاء الرعاية هذا “لا علاقة له باستقبال القادمين من أوكرانيا. وقد تم استقبال أناس من أوكرانيا في نفس الموقع في وجود هؤلاء الشباب. الأماكن التي يستخدمها هؤلاء الشباب حاليا لا يُقصد استخدامها من قبل الأوكرانيين. ولا توجد خطط حاليا لتوسيع عدد الأماكن في هذا السياق”.
ومع ذلك، تؤكد عدة مصادر أن مجموعة استغاثة التضامن (SOS /Solidarités) الموجودة في المكان منذ أسبوعين لمرافقة وصول اللاجئين الأوكرانيين الذين وصل 50 منهم في الوقت الحالي ومن المتوقع وصول 90، تخطط بالفعل لاستعادة الغرف لاستقبال الأوكرانيين.
هذه عنصرية
وكانت جمعية “اكبروا معا” تطلب مواصلة مهمتها جنبا إلى جنب مع الأوكرانيين، مع العلم أن هؤلاء سيحلون محل الأجانب الشباب داخل المركز، في حين لا تكاد جمعية “يوتوبيا 56” تشك في نوايا المقاطعة. يقول بيير ماتورين منسق يوتوبيا 56 في باريس مستنكرا، “الآن يقول لنا الممثلون على الأرض إن جميع أماكن الإقامة محفوظة للأوكرانيين. وصحيح أنه من الأفضل استقبالهم بكرامة، لكن يجب أن يشمل نظام الإيواء هذا جميع المنفيين، ففي بانتين، لا يزال حوالي 60 أفغانيا ينامون في الخارج منذ أكثر من شهر بعد الاستيلاء على فندق إيبيس من أجل الأوكرانيين”.
ويتحدث ساكن آخر يدعى موسى (17 عاما حسب قوله) عن فزعه، ويقول “كان من المفترض اليوم أن ندرس. يذهب البعض إلى المدرسة، ويتلقى آخرون دورات مع جمعية الحق في المدرسة أو جمعيات تيمي. لكننا قررنا عدم الذهاب لأننا لسنا في راحة بال. إذا أرادت المحافظة أو رئيس “اكبروا معا” التحدث إلينا يجب أن نكون حاضرين للتعبير عن أنفسنا”.
ويقول أبو بكر (15 عاما) الذي يعيش في فرنسا منذ ديسمبر/كانون الأول 2020 “بالنسبة لنا هذه عنصرية. وضع السواد في الخارج والبيض في الملجأ. في حين أننا في الواقع يمكننا أن نعيش بشكل جيد هنا جميعا معا، مع الأوكرانيين. لماذا يطرد البعض لرعاية الآخرين؟”، كما يرى منسق يوتوبيا 56 أنه “من غير المقبول” إعادة الشباب المفترض أنهم قاصرون إلى الشارع دون أي بديل. من الناحية الأخلاقية، هذا صعب للغاية عليهم. ظنوا أنهم خرجوا من الشارع وسيعودون إليه. إنهم مرعوبون ويتصلون بنا كل ساعة لمعرفة ما إذا كان قد تم العثور على حل”.
وختمت الكاتبة بقول الشبان الثلاثة الذين تحدثوا للموقع “لقد صدمنا. لقد واجهنا الكثير من المشاكل في هذا البلد. فرنسا معنية بالمساواة والأخوة، لكننا لم نر أيا من ذلك بعد. لم تعد هناك نزعة إنسانية في هذا البلد”، مشيرة إلى أنهم لا يعتزمون مغادرة المبنى، كما أن التربويين المرافقين لهم رفضوا التدخل لخروجهم من المركز يوم الجمعة.