المصدر: الكومبس- ستوكهولم: أصدر مجلس الإفتاء السويدي بياناً حول ما اعتبره حراكاً بخصوص قانون الحضانة القصرية للأطفال في السويد، أكد فيه على عدم التقليل من فاجعة ومصاب من طُبق بحقه هذا القانون وجرى سحب أطفاله، لكن البيان وبنفس الوقت رفض بعض الشعارات التي يتم ترديدها ونشرها من داخل السويد ومن خارجها والتي وصفها البيان بالشعارات “الغريبة عنا وعن بلدنا السويد وشعبه المضياف” مثل السويد: “بلد الإرهاب” “خطف الأطفال من أهلهم” “سحب أبناء المسلمين من عوائلهم” “بلد تكميم الأفواه” “سبي واسترقاق أبناء المسلمين” وشدد البيان على ضرورة عدم السماح لأي أحد حزبا كان أو طائفة، أو متسلق يريد شهرة، أو منصة إعلامية في الداخل أو الخارج من التسلق ليقتات على معاناة هذه العائلات، ولكي يحرف هذا الحراك عن مساره الذي يؤمل له الخير.
وهذا نص كامل للبيان كما ورد لـ الكومبس التاريخ: 15-2-2022. بسم الله الرحمن الرحيم.
تابع المجلس السويدي للإفتاء الحراك الدائر في السويد، والذي انتشر في الخارج بخصوص قانون “Lvu”، وما عرف بقانون سحب الأطفال من ذويهم، وهو إذ يعيش مع الأهالي، ويشعر بمعاناتهم، ونحن وهم جسد واحد، وفي مركب واحد؛ ليشعر بالقلق ألا يثق كثير ممن قدم –للسويد- وخاصة مؤخرا في دائرة الشؤون الاجتماعية، ولا يسعنا إلا أن نؤكد على ما يلي:
أولا: لا يعقل أن يقلل أحد من فاجعة ومصاب من فقد أبناءه أو أحدهم، وهو شعور لا يحتمل المرء تصوره.
ثانيا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة”، ولذا فإنا ونحن نرى هذا الحراك وتداعياته نرى فيه خيرا نرجوه وشرّا نبرأ منه.. وأما الخير فهو في تسليط الضوء على معاناة الأهالي المكلومين، وأنه في هذا الحدث بدأ البعض يشعر بأن الأمل يسري في قلبه أنه سيرى أو سيرجع له فلذات أكباده.. وأما الشرّ فهو هذا الانقسام – رغم الشعور الواحد تجاه معاناة الأهالي- في المجتمع وهو مالم يكن من قبل، فحتى وقت قريب كان الكل يشيد بالسويد بلد الرخاء والحريات ومتنفس المظلومين.. فطالعتنا بعض الشعارات والعبارات من الداخل والخارج غريبة عنا وعن بلدنا السويد وشعبه المضياف ك: “بلد الإرهاب” “خطف الأطفال من أهلهم” “سحب أبناء المسلمين من عوائلهم” “بلد تكميم الأفواه” “سبي واسترقاق أبناء المسلمين” ..الخ.وهنا إذا كان الأهالي يريدون من هذا الحراك أن يؤتي ثماره، لا بدّ من التنبيه إلى:
- عدم السماح لأي أحد حزبا كان أو طائفة، أو متسلق يريد شهرة، أو منصة إعلامية في الداخل أو الخارج أن يتسلق ليقتات على معاناتكم، ويحرف هذا الحراك عن مساره الذي يؤمل له الخير.
كلنا يعلم أنّ قانون “Lvu” لم يوضع للمسلمين، ولا لسحب أبناءهم؛ بل هو ينسحب على الجميع، وهو وبقية قوانين السوسيال؛ إنما وضعت ومقصد المشرع منها هو مصلحة الطفل، وحمايته من أن يلحق به أذى جسدي أو نفسي، أو تقصير بالغ، وهو ضعيف يحتاج إلى حماية.
احترام القانون من جهة، مع ضمان حق المتضرر في أن يلجأ للتعبير عن رفضه له، أو لبعض بنوده بالطرق السلمية والديموقراطية، والعمل لتغييره وفق الوسائل القانونية.
تغيير القوانين في البلاد الديموقراطية، وعلى رأسها السويد يتمّ بأن يقتنع عامة أو غالبية الشعب بضرورة إلغاء القانون، أو تعديله، أو الإضافة إليه، ويتبنى ذلك الأحزاب الممثلة في البرلمان، وعند ذلك يصل الحراك إلى غايته..
عادة ما تسنّ القوانين وفق احتياجات وظروف المجتمع المحلي، وتتدرج ضمن وقت مناسب، ورؤية، وحلول؛ في تطبيقها مرونة، وعدم حدية، وتراعي تطور المجتمع.. من قبل كانت أعداد الأطفال التي تؤخذ قليلة، ثم تسارعت بازدياد أعداد اللاجئين، فمن جهة هناك تقصير من الدوائر المختصة في توعيتهم بالقوانين النافذة، ومن جهة أخرى عدم اتباع الأهالي للطرق التربوية التي لا تتعارض مع القوانين، والتي ليست بالضرورة ما عاشوا عليه دهرا من عادات وتقاليد أو قوانين محلية في بلدانهم، وعندما وجد الأهل أن العقوبة أكبر من أن يحتملوها، وهي في نظرهم لا تتوافق مع الخطأ الذي قاموا به، ولتعلقهم ومحبتهم لأبنائهم أصبحت كرة الثلج تكبر شيئا فشيئا.. ولذا يجب مراعاة ذلك.
لا شك بأنه ليس كل الأهل يصلحون لحضانة أبناءهم، فهناك الميؤوس منهم؛ كالمبتلون بالإدمان والجريمة، ويصبح الأمر يحتاج إلى تدخل الشؤون الاجتماعية، والناس لا يرون كامل الصورة، ولا الأسباب من وراء الإجراءات الصارمة.
لا نفصل بين الداخل والخارج، فالعالم أصبح قرية صغيرة، والمعلومة متاحة للجميع، لكن علينا مسؤولية التبيان بأنا لا نقبل الافتئات على بلدنا السويد، ونعته بصفات ليست فيه مما أشرت إلى بعضها فوق، فضلا عن السماح للخارج الذي لم ينعم في بلاده بالحرية والديموقراطية والأمن والأمان أن يقوم بالنيل من النسيج الاجتماعي لبلدنا، أو اتهام الدولة بتقصّد المسلمين وأبنائهم، وهذا مما يؤذي أهل السويد، ويجعلهم ينحون منحى التطرّف في النظر إلينا نحن من الأصول المهاجرة، وهذا يضرّ في مسعى من يريد عودة ابنه، كما ومستقبل أبنائنهم.
بالنسبة للرد على الخارج الذي يستهدف السويد، أرى أنه علينا أن نكون موحدين في الداخل، وهذا لا يمكن أن يتمّ إلا ببذل الجهود لتطمين الناس الذين أخذ أبناؤهم، والذين يخافون من ماكينة الشؤون الاجتماعية التي قد لا تراعي في الأخذ والتوزيع؛ الدين، والمدة، والتطمين للأهل، وبقاؤهم على التواصل الدائم مع أبنائهم تحت سمع وبصر وإشراف القانون والمؤسسات المختصة.
عدم الثقة بين من قدموا – وخاصة مؤخرا- من خارج السويد ودائرة الشؤون الاجتماعية أمر مقلق وهذا لا يصح.
10.إن أمكن تأهيل الوالدين وتوعيتهم فلا يعدل عنهم لغيرهم، فالنائحة الثكلى ليست كالنائحة المستأجرة.. ولا يفرق بين الأولاد وأبويهم إلا عند الضرورة، ولا يحرم الأبوان من الالتقاءبأبنائهم، ولا يظلم الأولاد بتفريقهم على عدة عوائل، أو حرمانهم من الاستمرار على دينهم ولغتهم ما أمكن ذلك.
- على الشؤون الاجتماعية تأهيل عائلات ينطبق عليها الشروط القانونية لتكون عوائل بديلة عند الحاجة تحقق للطفل ألا ينقطع عن جذوره الدينية والثقافية.
12.نذكر الأهالي ومن يتعاطف معهم باستخدام الطرق السلمية، والتي يمنحها لهم القانون، وأنّ عليهم أخذ التصاريح اللازمة، والتقيد بالهتافات والتعابير التي تنتظم والقوانين المرعية، وعدم التحريض على السلم والأمن؛ مما يؤدي إلى أن يفقدوا تعاطف المجتمع مع قضيتهم، وأن يؤطروا أنفسهم بجمعيات أهلية مرخصة، لها مرجعيات قانونية، واستخدام الوسائل المختلفة التي توصلهم إلى أهدافهم، والتحاور المستمر مع المعنيين من خلال قنوات تحظى بثقة كل الأطراف.والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل..
قال تعالى: “ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرّة أعين واجعلنا للمتقين إماما” صدق الله العظيم
الشيخ/ سعيد عزام.الشيخ/ حسان موسى / رئيس مجلس الإفتاء السويدي نائب رئيس المجلس.