يتوافد عشرات الآلاف من اللاجئين من بلاد الشام إلى “الشارع العربي” في العاصمة الألمانية برلين، محولين إياه إلى ما يشبه “سوريا صغيرة”.
هذا ما أوردته مجلة “لوبوان” (Le Point) الفرنسية في تقرير مشترك لغيوم بريي ودهام الأسد، أوضحا في بدايته أن حارة سوننالي Sonnenallee أو “حارة الشمس” هي شارع في برلين، يقع على مرمى حجر من محطة هيرمنبلاتز Hermannplatz، لكن الجميع أصبح يطلق عليها “الشارع العربي”.
على نفس الرصيف وعلى بعد بضع مئات من الأمتار، يقول الكاتبان، يمكنك تذوق المأكولات السورية الشعبية في كشك يديره لاجئون من حمص، أو أن تمتع نفسك بمعجنات إدلب أو الدجاج المشوي على الطريقة الدمشقية.
وفي صالونات تصفيف الشعر وبارات الشيشة والشاورما ومحلات الملابس، يتم التحدث بالعربية بلهجة سورية، حسب قولهما.
فمنذ عام 2015 ومع وصول عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى ألمانيا، أصبح هذا الشارع نقطة تجمع لجميع فئات الشعب السوري. إنهم يجتمعون هنا معًا على أساس إقليمي، حمص أو حلب أو إدلب أو دمشق أو الرقة، أو حسب الانتماء المجتمعي والسياسي، وهنا في هذا الحي يجد السوريون فرصا للقيام بأعمال تجارية أو بناء علاقات جديدة.
“نحن لا نأتي فقط إلى هذا الشارع لتناول الطعام أو التسوق. بل هو بالنسبة للعديد من السوريين في برلين مكانًا للتنفيس والتفاعل الاجتماعي” وفقا لسائق سيارة الأجرة الذي يقول إنه أصبح يعرف هذا الحي عن ظهر قلب.
ويضيف هذا الدمشقي الأربعيني أن من يأتون هنا يأتون لتنفس سوريا “فهناك الجديد والقديم.. هناك كل الآراء، سوريون من جميع المدن، وكلها قصص مأساوية للغاية.. كل هذا في منطقة صغيرة جدًا من المدينة”.
ولأن المنطقة تعج بالسوريين في حيز مكان ضيق، فإن الجميع يلتزم الحذر في التعبير عن المواقف السياسية “فالمراقبة عامة والجميع حذرون” وفقا لسوري موظف بأحد البنوك، يأتي هنا لمقابلة الأصدقاء في عطلات نهاية الأسبوع.
ويلاحظ الكاتبان أن للانقسامات والصراعات التي تمزق سوريا تداعيات حتى في هذا العالم الصغير في برلين.
ويضيف التقرير أن من بين اللاجئين هنا من يرفعون علم الثورة ومن بينهم من هم في السابق أعضاء بجماعات إسلامية، يحاولون الابتعاد عن الأضواء، كما أن من هؤلاء السوريين من يظهرون دعمهم للدكتاتور بشار الأسد، ناهيك عن وجود عناصر من “المخابرات” السورية سيئة الصيت، على حد قول الكاتبين.
ويختم الكاتبان تقريرهما بالحديث عن أحد المقاهي المبهرجة الذي تفوح منه رائحة التبغ المنكّهة، ويرفع فيه علم النظام ذو النجمتين بفخر، وتبث فيه قناة دمشق الحكومية على الهواء مباشرة.
ويلاحظان أن النادل بدا متوجسا من شيء ما، وهو يحضر لهما قهوة الهيل دون أن ينبس ببنت شفة.
وهنا استحضر التقرير قصة صاحب هذا المطعم بالقول “في أكتوبر/تشرين الأول، داهمت الشرطة المنشأة للاشتباه في أن رئيسها مجرم سوري هارب، متهمة هذا الرجل، وهو فلسطيني من مخيم اليرموك في سوريا، وعضو في مليشيا موالية للأسد (شبيحة سابق) بأنه ممن سحقوا الثورة السورية الشعبية عام 2011، ومنذ محاولة الاعتقال لا يمكن العثور على أثر لهذا الرجل”.
ونقل الكاتبان، في هذا الصدد، عن المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان أنور البني قوله إن هناك “حوالي ألف مجرم حرب سوري قدموا كلاجئين واختبؤوا في أوروبا”.
المصدر : لوبوان