تصدرت مشاهدة الفقاعات النرويجية الأخبار الدولية منذ نحو 35 عاما، واكتشف الباحثون أخيرا أنها أكياس بيض لحبار
قبل عدة سنوات، واجه الغواصون الذين يستكشفون الساحل الغربي للنرويج شيئا غامضا حيرهم، ولم يتمكنوا من تفسيره في حينه، فقاعة هائلة يزيد عرضها على متر، تحوم في مكانها بين قاع البحر والسطح، ويقطعها خط داكن من المركز، لكن باقي الكتلة كان شبه شفاف وخالي من الملامح تماما.
لقد كانت ببساطة كتلة من سائل لزج، وتم الإبلاغ عما يقرب من 100 مشاهدة لفقاعات مماثلة حول النرويج والبحر الأبيض المتوسط منذ عام 1985، لكن هذه الكتل الجيلاتينية الغامضة كانت صعبة التصنيف من الناحية العلمية.
لكن بفضل حملة علمية للمواطنين استمرت لمدة عام، وبعد إجراء تحليل جديد للحمض النووي، حدد الباحثون أخيرا هذه الفقاعات على أنها أكياس بيض حبار شائع يسمى الحبار قصير الزعانف الجنوبي (Illex coindetii)، ويوجد في البحر الأبيض المتوسط وعلى جانبي شمال المحيط الأطلسي.
ووفقا لدراسة جديدة نُشرت في 30 مارس/آذار في مجلة “ساينتفك ريبورتس” (Scientific Reports)، فقد تحتوي كل فقاعة على مئات الآلاف من بيض الحبار الصغير المغلف في كتلة من المخاط الذي يتحلل ببطء.
المرة الأولى
رغم أن العلماء يعرفون الحبار قصير الزعانف الجنوبي منذ أكثر من 180 عاما، وقاموا بتعريف وتصنيف الأنواع على نطاق واسع حول البحر الأبيض المتوسط وكلا جانبي المحيط الأطلسي، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتعرفون فيها على أكياس بيض هذا الحبار.
قال مؤلف الدراسة الرئيسي هالديس رينجفولد، مدير منظمة علم الحيوان البحري “سي سناك” النرويجية (Sea Snack Norway) في تقرير لموقع “لايف ساينس” (Live Science) “لقد رأينا أيضا ما بداخل الكرة، حيث أظهرنا أجنة الحبار في 4 مراحل مختلفة”. وأضاف “أمكننا أن نتابع كيف يغير كيس البيض الاتساق فعليا، من صلب وشفاف إلى ممزق ومعتم، مع تطور الأجنة”.
وفي عام 2019، أتى الغواصون بعينات من الأنسجة من 4 نقاط منفصلة، وقاموا بتجميعها في زجاجات بلاستيكية صغيرة كما تم تخزينها في ثلاجات منزلية (لا يبدو أن الأنسجة تتلف كتل البيض بأي شكل من الأشكال، وفقا للدراسة).
تضمنت العينات كلا من الجسم اللزج للفقاعات، بالإضافة إلى الأجنة في مراحل مختلفة من التطور. وكتب الباحثون أن تحليل الحمض النووي للأنسجة أكد أن العينات الأربع تحتوي على الحبار قصير الزعانف الجنوبي.
ولم يتمكن الباحثون من التأكد من أن كل الفقاعات الـ 100 التي تمت ملاحظتها تنتمي إلى النوع نفسه من الحبار، مع ذلك، نظرا لأن كل العينات كانت متشابهة جدا في الشكل والحجم، فمن المحتمل أن العديد منها من صنع الحبار نفسه، كما خلص الفريق. أما عن الخط الغريب المظلم الذي يمر عبر العديد من الفقاعات، فوفقا للباحثين، يمكن أن يكون هذا حبرا تم إطلاقه عند إخصاب البويضات.
وكتب الباحثون في دراستهم أن “الفقاعات التي تحتوي على حبر أو التي دون حبر قد تكون نتيجة لكونها في مراحل نضج مختلفة، حيث يتم إنتاج الكرات التي تحتوي على حبر حديثا، لكن بعد فترة، عندما تبدأ الأجنة في النمو، فإن الكرة بأكملها، بما في ذلك الخط، ستبدأ في التفكك”.
وأشار الفريق البحثي إلى أن الخط يمكن أيضا أن يكون نوعا من آليات التمويه، والتي تهدف إلى محاكاة الأسماك الكبيرة وإخافة الحيوانات المفترسة المحتملة.