حذرت إحدى العاملات في مجال الإغاثة الدولية من وقوع مزيد من حالات الوفاة على حدود بولندا مع بيلاروسيا، ووصفت مدى الضعف واليأس الذي يصل بالمهاجرين إلى درجة خطيرة، ويشمل ذلك الأطفال الصغار الذين تم صدهم ومنعهم من عبور الحدود.
إذ ذكرت كريستال فان ليوين وهي مديرة الإغاثة الطبية لدى منظمة أطباء بلا حدود بأنه يتعين على المنظمات غير الحكومية أن تدخل إلى منطقة عسكرية آمنة على الجانب البولندي، كما يجب احترام طلب المهاجرين بالحصول على حماية دولية، حيث قالت: “يتم التعامل مع الناس كما يتم التعامل مع الأسلحة.. من الصعب أن تصدق بأن هذا النوع من الأزمات صار يظهر في الاتحاد الأوروبي”، وذلك عقب عودتها من تقييم استمر لمدة أسبوع برفقة منظمات محلية بينها مؤسسة أوكاليني وغروبا غرانيكا.
فقد لقي ثمانية أشخاص على الأقل مصرعهم في الوقت الذي حاول فيهم آلاف المهاجرين -معظمهم من العراق وإيران وسوريا- العبور من بيلاروسيا خلال الأسابيع الماضية، لكنهم وجدوا أنفسهم عالقين في منطقة حدودية تنتشر فيها غابات كثيفة، من دون أن يكون بحوزتهم أي طعام أو أن يتوفر لديهم أي مأوى، في ظل درجات حرارة هبطت إلى ما دون الصفر.إذ يمنع كل غير مقيم -ويشمل ذلك الصحفيين والعاملين في مجال الإغاثة والمراقبين الدوليين- من دخول قطاع بعمق 3 كلم يمتد على طول الحدود وذلك بموجب حالة الطوارئ التي أعلنتها وارسو.
وخلال هذا الأسبوع، أرسلت بولندا 2500 جندي آخر إلى تلك المنطقة، فأصبح عدد الجنود هناك 10 آلاف هدفهم مساعدة حرس الحدود في منع أي محاولة للعبور من قبل المهاجرين، وذلك عقب عدة حوادث حاولت من خلالها مجموعات يتراوح عدد أفرادها ما بين 60 أو 70 شخصاً قطع السياج الحدودي المؤلف من أسلاك شائكة.
وتحكي لنا ليوين بأنها التقت بمجموعة تضم 13 امرأة ورجلاً وطفلاً على تخوم المنطقة المعزولة، حيث ساعدهم رجل من أبناء المنطقة ونقلهم إلى بيته داخل تلك المنطقة وقدم له الطعام والتدفئة، ومن ثم اقتادهم لمقابلة منظمات غير حكومية، وعن ذلك تخبرنا فتقول: “إن النوم في العراء في ظل هذا البرد القارس خطير للغاية، فقد وصلت درجة الحرارة إلى -4 في تلك الليلة”.وبعدما أكد عاملون محليون في مجال الإغاثة بأن تلك المجموعة ترغب بتقديم طلب للحصول على الحماية الدولية في بولندا، وبعدما أدركوا بأن تلك المجموعة مهددة بالإعادة إلى بيلاروسيا، وقع المهاجرون على وكالات قانونية ثم تم تصويرهم وهم يطلبون الحماية.
بعد ذلك قام العاملون في مجال الإغاثة بتقديم الطعام والشراب والملابس لهم بحسب ما ذكرته فان ليوين، وعندها تم استدعاء حرس الحدود، وتضيف ليوين: “بكى عدد من الكبار فرحاً وخوفاً في آن معاً، كما أخذت فتاة صغيرة تردد قائلة: “لا عودة للغابة من جديد… لا عودة للغابة””.
كان أول شخصين وصلا من حرس الحدود “هادئين ومحترفين”، بعد ذلك أتت عربة ثانية حاملة حرساً مسلحين ومقنعين، تلتها شاحنة عسكرية كبيرة مزودة بمقاعد في الخلف وغطاء من المشمع.
رفض هؤلاء الحرس أن يخبرونا إلى أين سيقتادون المجموعة، بعد ذلك لم تصل تلك المجموعة المؤلفة من 13 شخصاً إلى أي مركز قريب لمعالجة طلب حمايتهم. وتعلق ليوين على ذلك بقولها: “بعد مرور ساعات على ذلك، وصل موقع جغرافي محدد عبر رسالة إلى منظمة بولندية غير حكومية، بالإضافة إلى فيديوهات تظهر موقعهم بعد إعادتهم إلى الجانب البيلاروسي من الحدود… وبالرغم من اعتقادهم بأنهم صاروا بأمان أخيراً، إلا أن الأمور انتهت بإعادتهم عبر سياج الأسلاك الشائكة” حيث واجه المهاجرون “ورطة حقيقية”، وذلك لأنهم إما أن يطلبوا الحماية مع تعرضهم لخطر الإعادة على يد الحرس من كلا الجانبين، أو أن يعرضوا أرواحهم للخطر عندما يعيشون قيد الانتظار.
في شهر أيلول الماضي، قام أحمد دندشي، الذي هرب من سوريا إلى لبنان في عام 2012، ثم أمضى أكثر من سبع سنوات في العمل لدى مجلس اللاجئين النرويجي وهو يساعد رفاقه من المهاجرين، بدفع مبلغ ألف ومئتي دولار مقابل الحصول على بطاقة عودة بالطائرة من بيروت إلى مينسك عبر دبي.
وعن ذلك يخبرنا أحمد، 29 عاماً، فيقول: “كان البلد ينهار، والاقتصاد يسقط سقوطاً حراً، فضلاً عن انقطاع الكهرباء بشكل متواصل”.وذكر أحمد أن صديقاً له وصل إلى ألمانيا عبر بيلاروسيا وبولندا في شهر تموز الماضي، لذا قرر هو ومجموعة صغيرة من أصدقائه أن يجربوا حظهم. كان عليهم أن يحصلوا على بطاقات عودة “لأننا من دونها لن نحصل على سمة دخول سياحية مدتها أسبوع واحد عند وصولنا”.
وفي مطار مينسك انتظرت تلك المجموعة برفقة مئات الأشخاص الآخرين الحصول على سمة دخول لمدة ثلاثة أيام، حيث كانوا ينامون على الأرض، ثم أمضوا خمسة أيام أخرى في مينسك وهم يحاولون التعافي من تلك التجربة قبل أن تحملهم سيارتا أجرة إلى منطقة اختاروها بأنفسهم عبر تطبيق خرائط غوغل على الحدود البولندية-البيلاروسية.
ويتابع أحمد الحديث عن تجربته بالقول: “كنا تسعة أشخاص، جميعنا سوريون، وكلنا قدمنا من لبنان. اعتقدنا أن عملية العبور ستستغرق ثلاثة أو أربعة أيام، لكنها أخذت منا عشرين يوماً”. ويخبرنا أحمد أنه صار يتعب بسرعة، بسبب سوء التغذية كما “لم يبارحني البرد، فكنت أرتعد على الدوام”.
وهكذا، أمسك به حرس الحدود البولنديون خمس مرات، حيث: “ضربونا وركلونا وأه