“هاي البلد عم تمشي لورا. عم تخنقنا نحنا اللاجئين والأجانب بشكل عام. عاصرت كل مراحل التدرج في قوانين الهجرة بالدنمارك من لمّا حصلت على الإقامة عام 2012 وحتى الآن. عم تصعب سنة ورا سنة. أنا نموذج، كلما حان موعد حصولي على الإقامة الدائمة تتغير الحكومة وتتعدل القوانين فانحرم منها”، هكذا قالت لرصيف22 ابتسام سعيد (اسم مستعار بناءً على رغبتها)، وهي لاجئة وناشطة في الدفاع عن حقوق اللاجئين بالدنمارك.
ويتخذ الحزب الاشتراكي الديمقراطي اليساري الحاكم في الدولة الاسكندنافية موقفاً مناهضاً للهجرة. لكن حتى الحكومة السابقة كانت لها مواقف عنصرية ضد المهاجرين، من بينها عزل اللاجئين غير الشرعيين في جزيرة “ليندهولم” غير المأهولة سوى من بعض الحيوانات ومركز أبحاث للأمراض الحيوانيّة المعديّة كطاعون الخنازير وداء الكَلَب، “ليشعر اللاجئون غير الشرعيين بأنهم غير مرغوب فيهم”، حسبما صرّحت وزيرة الهجرة الدنماركية السابقة إينغر ستويبر عام 2018.
وفي وقت سابق من هذا العام، أعلنت الدنمارك اعتبار مناطق سورية خاضعة لنظام الرئيس بشار الأسد، منها العاصمة دمشق وريف دمشق، مناطق “آمنة” ولا يستحق اللاجئون المنحدرون منها “الحماية” وتصاريح الإقامة المؤقتة، ما يمهد لإعادة ترحيلهم إليها في خطوة دانتها منظمات حقوق الإنسان بشدة. وصف مكتب منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة القرار الدنماركي آنذاك بأنه “مروّع” ويمثل “انتهاكاً طائشاً لواجب الدنمارك في توفير اللجوء”.
ليس من السهل الحصول على وظيفة لائقة للاجئين” هناك… ناشطون يفندون مزاعم الدنمارك ويؤكدون لرصيف22 أنها تحاول تشغيل اللاجئين/ ات في المهن المتواضعة التي لا يقبل عليها الدنماركيون بغض النظر عن خلفياتهم التعليمية وخبراتهم العملية
مع ذلك، تعترف بأنها كانت محظوظة نسبياً مقارنة بلاجئات أخريات عاصرت معاملتهن بـ”عنصرية” أو “طريقة غير ودودة” لأنهن مثلاً محجبات أو غير متقنات للغة أجنبية أو ليس لديهن معارف في الدنمارك. تقول: “حين وصلت الدنمارك، كانت معي صبية محجبة وأنا غير محجبة. كلتانا تتحدث الإنكليزية. حين أتى دوري، تم التعامل معي بطريقة ألطف إذ كان زوجي واقفاً إلى جواري وواضح أنه أجنبي ويحكي دنماركي. أتى دور الصبية بعدي ولم تكن تؤخذ بجدية. شاهدت العديد من اللاجئات لا تؤخذ طلباتهن/ شكواهن بجدية حتى في ما يتعلق بالحالات الصحية والألم”.
عوامل تصعّب عمل اللاجئات
ولا تتوفر عبر الإنترنت دراسات حول عمل اللاجئات في الدنمارك. لكن دراسة حديثة في ألمانيا أشارت إلى معوقات إضافية تصعّب نزول اللاجئات سوق العمل مقارنة بالرجال، علماً أن المجتمع الألماني أكثر تقبلاً للاجئين/ ات من نظيره الدنماركي.
من الأسباب التي ساقها معهد أبحاث التوظيف (IAB) في ألمانيا لزيادة معدلات عمل اللاجئين الرجال مقارنة بالنساء اضطرار النساء إلى رعاية الأبناء لا سيّما دون الثالثة، وعدم الاعتراف بمؤهلات اللاجئات وخبراتهن في بلد اللجوء مع عمل الكثيرات منهن في التعليم والصحة مقارنة بعمل الرجال في المجالات الصناعية، وميل النساء إلى العمل بدوام جزئي في حين أن الرجال يشغلون وظائف بدوام كامل غالباً، والتجارب المؤلمة قبل الوصول إلى بلد الهجرة التي تكون أشد في حالة النساء، وشمول دورات اللغة والاندماج للرجال أكثر من النساء.
“نشر أفكار خاطئة وتمييزية حول اللاجئين”
والخميس 16 أيلول/ سبتمبر، حذر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من أن الخطة الدنماركية المزعومة “تنشر أفكاراً خاطئة وتمييزية حول اللاجئين وتحوّل حقوقهم المشروعة إلى امتيازات يحتاجون إلى كسبها واستحقاقها”.
“كيف يمكن دمج اللاجئين وسط الرسائل الرسمية السلبية المتكررة التي تضغطهم وتشعرهم بأنهم غير مرحب بهم. الحل ليس إجبارهم على ‘حيالله شغل‘”.
ونقل البيان عن ميشيلا بوغليزي، باحثة الهجرة واللجوء في المرصد، قولها إن “هذا الاقتراح يروج لفكرة أن اللجوء والاستقبال، فضلاً عن مزايا الرعاية الاجتماعية، ينبغي أن تكون كلها لخدمة الدولة المضيفة بدلاً من كونها حقوقاً مشروعة”.
كما اعتبرت أنها تنشر “الانطباع بأن المهاجرات لا يرغبن في الاندماج أو العمل، في حين أن العديد منهن يبحثن دوماً عن عمل ويُرفضن بشكل مستمر”، مبرزةً أن الوظائف المتاحة في البلاد “ليست كافية للدنماركيين”.
Raseef 22