بدأت تتعالى في السويد أصوات مطالبة برحيل المهاجرين إذا لم يكونوا سعداء في المجتمع السويد، بعدما تسربت بعض اللقطات مما أطلق عليه “عراك مستشفى لوند”، بمشاركة نحو 60 شخصاً من أسرتين من أصول أجنبية مهاجرة، وفقاً لمعظم وسائل الإعلام التي باتت تشير إلى الأصل العرقي للمتعاركين، على عكس تغطياتها السابقة.
وأثارت مشاهد وأخبار العراك غضب السويديين، وذلك من خلال تعليقات على مواقع الأخبار الرئيسية في البلاد، على خلفية تغطيتها ما شهده المستشفى العام ومحيطه في المدينة الجنوبية السويدية لوند، المعروفة باحتضانها أعرق وأفضل جامعات البلاد “جامعة لوند”، عصر الإثنين الماضي، بسبب “خلاف بين عائلتين”، وبمشاركة سيارات لبعض القادمين من ألمانيا “لحل نزاع”، قبل تفاقم الوضع ووصول جرحى عراك سابق إلى طوارئ المستشفى، ليتحول الازدحام فيه من كلتا العائلتين إلى مشهد غير معتاد بالنسبة للسويديين، عدا عن ذهول المراجعين والأطباء والممرضين، واضطرار سيارات الإسعاف للتحول إلى مستشفى مالمو. وقال مواطنون سويديون، تعقيباً على المشاهد القاسية التي صدمت المراجعين وموظفي المستشفى والأهالي: “هذه تصرفات من العصور الوسطى”.
وعلى الرغم من رفض البعض تعميم ما رآه على المهاجرين، إلا أن بعض الأحداث باتت تنعكس على مزاج الشارع السويدي حيال اللاجئين والمهاجرين، معتبرين أن “دافع الضريبة السويدي لا يتوجب عليه تمويل مجموعات تعيش على هامش المجتمع”. وطالب البعض، استناداً إلى مواقع الصحف التي غطت الحدث، بضرورة انتهاج سياسة “عودة هؤلاء غير السعداء بحياتهم في السويد إلى موطنهم الأصلي، حيث يمكن أن يكونوا أكثر سعادة وراحة”. هذا عدا عن توالي التصريحات الغاضبة من المشاهد من قبل معظم الأحزاب السياسية، من مختلف الاتجاهات، وخصوصاً قبل عام من الانتخابات المقبلة التي يسعى فيها اليمين القومي المتشدد لتحقيق تقدم كبير بسبب ما يسميه “فشل سياسة الهجرة والدمج”.
ويقول شخص مقرّب من إحدى العائلتين، ويدعى سعيد، من لبنان: “ما جرى جاء تتويجاً لسلسلة خلافات بين العائلتين (العشيرتين كما يطلق عليهما باحثون اجتماعيون وشرطيون) مستمرة لسنوات”. وبالنسبة إلى “المشهد المؤسف والمخزي في المستشفى السويدي”، يصعب الإفصاح عن “أسباب احتراب العشائر وحل الخلافات بهذا الشكل غير الحضاري”، على حد قوله.
وأظهرت بعض اللقطات تدخلاً من قبل الشرطة السويدية التي هرع أفرادها بالعشرات، بالإضافة إلى قوات التدخل السريع بسلاحها الكامل. وعلى الرغم من ذلك، ظلت المعركة مستمرة أمام صدمة المستشفى ومحيطه والذين أمكن لهم أن يشاهدوا ما يجري وسماع الصراخ بلغات غير سويدية.
مصدر آخر في مالمو يؤكد لـ”العربي الجديد” أن المتعاركين “ليسوا من لوند، بل من مدن أخرى في جنوب السويد”. ويشير في الوقت نفسه إلى “تدفق عدد من أفراد العشيرة من ألمانيا. فالخلاف للأسف يدور حول اتهامات بتعدي عائلة على حدود تجارة الأخرى (سوق الممنوعات)، واتهامات بسرقة ذهب وأموال من بعضهما البعض”. وتشهد مناطق سويدية حالة مأساوية تعيشها أسر لاجئة ومهاجرة مع انتشار الجريمة المنظمة لعصابات المخدرات. وبات سويديون ومهاجرون يتركون بعض الضواحي خوفاً على مستقبل أطفالهم.
حالة الغضب من تصاعد وتيرة العنف، والتي تؤيدي بشكل متواصل إلى معارك بالسلاح الأبيض وإطلاق نار، وتصيب مارة لا شأن لهم، وتشيع رعباً حقيقياً بين سكان بعض الضواحي، باتت تدفع مشرعين محليّين إلى المطالبة بوقف “سياسة الإسكان الحالية، التي تتيح للاجئين والمهاجرين العيش حيث يشاؤون، وتشهد نشوء مجتمعات موازية تعيش عزلة تامة عن المجتمع السويدي”، كما يقول أحد السياسيين في يسار الوسط الحاكم لـ “العربي الجديد”.
ويقترح بعض السياسيين تبنّي سياسة الدنمارك مع نحو 15 تجمعاً سكنياً تضم أكثر من 90 في المائة من قاطنيها من أصول مهاجرة باعتبارها “غيتوهات”، وتوزيع القاطنين بشكل يمنع تشكّل مجتمعات موازية لا علاقة لها بالحياة السويدية، وينشأ فيها مراهقون بمعزل عن القوانين والقيم في البلاد. ويقترح هؤلاء تبنّي سياسة الدنمارك بهدم بعض المجمعات السكنية التي تكتظ بعمارات تقطنها غالبية ساحقة من أصول لاجئة ومهاجرة.
الشرطة السويدية المستنفرة في جنوب السويد، أو في المنطقة التي يطلق عليها “سكونا”، تخشى “استمرار عمليات انتقام بعد معركة مساء الإثنين الماضي، وتوتر الأوضاع بعد جرح 8 من المتعاركين”. وعلى الرغم من استخدام الشرطة لرذاذ الفلفل والكلاب البوليسية والهراوات، كان المتقاتلون غير آبهين “للتعارك أمام رجال الشرطة”. ويسود توتر كبير في ضواحي المناطق التي شهدت بعض التوقيفات على خلفية ما كشفته كاميرات المراقبة، في ظل غياب تعاون شهود العيان من العائلتين.