ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
“كان الأمر أشبه بعقد صفقة مع الشيطان”، هكذا يتذكر سامر سيروان أسوأ جزء من رحلة لجوئه الشاقة من سوريا نحو ألمانيا.
يحاول سامر أن ينسى المعاناة التي عاشها مع زوجته آنذاك، ولكن ذلك غير ممكن، يقول سامر في حديثه مع موقع “DW” الألماني، ويتابع “سيراً على الأقدام وبالحافلات والقطارات، حاولنا بكل الوسائل الممكنة كي نتمكن من الوصول”.
بعد سرقة شركته في دمشق، أدرك سامر، 41 عاماً، وزوجته أريج أن حياتهما في سوريا لم تعد ممكنة، فسامر كان لديه شركة استيراد وتصدير منتجات غذائية، إلا أن شركته سُرقت ونُهبت محتويات مستودعها، “كان الأمر قاسيا وفظيعا” يقول سامر.
معاناة الطريق لم تنته بالوصول
بعد رحلة شاقة انطلقت من تركيا إلى اليونان ومنها إلى برلين عبر طريق البلقان، وصلت العائلة إلى ألمانيا، لكن معاناة الرحلة لم تنته بالوصول، إذ عاش الزوجان في قاعة كبيرة تابعة لمطار تمبلهوف في مدينة برلين، ثم تم تحويلهما إلى مخيم لاستقبال اللاجئين.
في العام 2015، وصل إلى العاصمة برلين 55 ألف لاجئ، واستمر تدفق اللاجئين، إذ استقبلت برلين 17 ألف لاجئ جديد في العام الذي يليه.
استمرار قدوم اللاجئين، دفع الحكومة إلى تحويل القاعة إلى غرف صغيرة مزودة بأسرّة بطابقين، لتتسع لأكبر قدر ممكن من اللاجئين.
لم تكن برلين مستعدة لاستقبال هذا الكم الهائل من اللاجئين، ما تسبب في خلق فوضى انطبعت في الأذهان مثل تجمّع اللاجئين أمام الدوائر الحكومية بسبب النقص في الموظفين ” كانت أياما فظيعة” يقول سامر.
الاندماج عبر المأكولات السورية
لكن وبعد مرور خمس سنوات على هذه المعاناة، تمكنت العائلة السورية من الوقوف ثانية وإثبات ذاتها، ففي أحد أحياء برلين تمكن اللاجئ السوري وزوجته من افتتاح مطعم مميز بأطباقه التي يقدمها كورق العنب وغيرها من المأكولات التي تعرف بها المائدة السورية.
ليس ذلك فحسب، بل يشارك سامر وزوجته في جولات سير على الأقدام منذ عام 2016، وهي جولات منظمة من مبادرات ألمانية تتيح للقادمين الجدد التعرف على العاصمة برلين ورؤيتها من منظور مختلف عن الذي شهدوه في البداية. ويهدف القائمون على هذه المبادرة إلى تسهيل اندماج القادمين الجدد في مجتمعهم الجديد.
“يأتون كزبائن ويعودون كأصدقاء”
لم تساعد جولات السير سامر في التعرف على برلين فحسب، بل جعلته يعرف تماماً معنى الاندماج الذي كثيراً ما سمع عنه في وسائل الإعلام “في البداية كنت أعتقد أن الاندماج هو التخلي عن الهوية”، لكن تبادل أطراف الحديث مع الألمان أثناء جولات السير، جعلت سامر يرى الاندماج بشكل آخر، يقول “هو تقبل كل طرف للآخر وإيجاد النقاط المشتركة بيننا”.
أثناء مشاركته في ورشات عمل تم تخصيصها للتعريف بين الطرفين، حاول سامر وزوجته الإجابة على الأسئلة التي كان يطرحها الألمان المشاركون في تلك الورشات يؤكد سامر، مشيراً إلى أن هذه الورشات كانت وراء فكرة افتتاح مطعم يقدم من خلاله الوجبات السورية المميزة للألمان.
ورغم جائحة “كورونا”، يلاقي المطعم إقبالاً شديداً من قبل الزبائن الألمان يقول سامر، ويضيف “في المرة الأولى يأتون إلينا كزبائن وبعدها يعودون كأصدقاء، إنهم يشعرون وكأنهم يزوروننا في بيتنا”.