تجاوز العدد الإجمالي لحالات الإصابة بمرض (كوفيد-19) في السويد حاجز 20 ألف حالة اليوم الأربعاء مع تسجيل 107 وفيات جديدة في البلاد ليرتفع عدد الوفيات إلى 2462.
وأظهرت الإحصاءات التي تجمعها وكالة الصحة العامة في السويد وتنشرها يومياً تسجيل 681 إصابة جديدة بالمرض الذي يتسبب فيه فيروس كورونا المستجد ليرتفع إجمالي الإصابات إلى 20302.
مبدئيا لم تأمر السويد مواطنيها بالبقاء في المنازل ولم تتخذ قرارا بحظر التحركات مثل معظم دول العالم التي انتشر فيها الوباء. ومع ذلك فإن فرضية أن السويد لا تطبق التباعد الاجتماعي نهائيا أو أنها أثبتت عدم أهميته، هي أبعد ما يكون عن الحقيقة لثمانية أسباب:
1 ـ السويد بالفعل تطبق درجة عالية من التباعد الاجتماعي من قبل ظهور كورونا: عدد سكان السويد حوالي 10.5 مليون، أي أنهم أقل من حتى نصف سكان القاهرة الكبرى وحدها، وحوالي 10 في المئة من سكان مصر كلها. وبالتالي فالمقارنة بين البلدين غير جائزة من حيث المبدأ.
ما يشاع عن أن تجربة السويد أثبتت أن التباعد الاجتماعي أو إجراءات الإغلاق أو الحجر الصحي ليست ضرورية وليست فعالة ليس دقيقا
كما أنهم يعيشون على مساحة كبيرة وبالتالي فالكثافة السكانية وخصوصا خارج العاصمة ستوكهولم منخفضة جدا، ففي كثير من مناطق السويد يعيش الناس في بيوت يفصل بينها مساحات واسعة. كما أن 40 في المئة من البيوت أو الشقق السكنية في السويد يعيش فيها شخصا واحدا فقط، ولذا فالتباعد الاجتماعي مطبق إلى حد كبير بشكل طبيعي.
2 ـ الثقة العالية بين الحكومة والشعب السويدي: واحدة من أهم مميزات المجتمع السويدي هو الثقة العالية المتبادلة بين الحكومة والشعب، وبالتالي فعلى الرغم من عدم وجود حظر أو أمر قانوني بالبقاء في المنزل إلا أن معظم الناس يلزمون منازلهم بالفعل، بناء على نصائح الحكومة. وقد انعكس هذا إيجابيا في صورة تقليل التحركات بنسبة 50 في المئة، فضلا عن أن نسبة كبيرة من الناس يعملون من منازلهم حاليا. كما أن الحكومة قد أصدرت أمر بمنع التجمعات فوق الخمسين شخصا.
3 ـ أرقام الوفيات والإصابات عالية جدا مقارنة بجيرانها: لو قارننا نسب الإصابات والوفيات بين السويد وجيرانها من الدول الاسكندنافية وهي الأقرب لها في الظروف والطبيعة الديموغرافية لوجدنا فرقا كبيرا. فنسبة الوفيات في السويد هي 217 لكل مليون نسمة، في مقابل 34 في فنلندا، و37 في النرويج، و72 في الدانمارك. والفارق الأساسي هو أن الدول الثلاثة الأخرى طبقت إجراءات أكثر حزما من السويد.
4 ـ كبار السن يدفعون الثمن لهذه الاستراتيجية: 50 في المئة من الوفيات في السويد هم من كبار السن الذين يسكنون في دور المسنين، وهي إحدى الإشكاليات الأخلاقية في سياسة “مناعة القطيع”. وعلى الرغم من أن السويد لا تستخدم هذا المصطلح إلا أن ذلك في النهاية هو ما تسعى إليه. فمناعة القطيع تعني عمليا المخاطرة بحياة كبار السن والذين يعانون من الأمراض المزمنة في سبيل تكوين هذه المناعة، والتي ما زال العلم يجهل الكثير عنها في حالة كورونا. فحتى الآن العلماء ليسوا متأكدين إذا كانت الإصابة الأولى تحمي من تكرار الإصابة أم لا، ولو فرضنا أن الإصابة الأولى تحميك من الثانية فلسنا نعرف لأي مدى زمني.