وباتت إعادة تشكيل الحكومة ضرورية، لأن رئيسة الوزراء إرنا زولبيرغ فقدت شريكا في ائتلاف يمين الوسط: فحزب التقدم اليميني تحول إلى المعارضة بحيث أن زولبيرغ تواصل الحكم في حكومة أقلية مع الشركاء المتبقين. وإلى جانب ذلك تم التخلي عن وزيرة الشؤون الاجتماعية أنيكه هاوغلي التي تتحمل مسؤولية فضيحة تعرض فيها مواطنون أبرياء بسبب عدم تطبيق قانون أوروبي لعقوبات سجن.
وهذا التغيير لم يؤد إلى تحولات كبيرة في المضمون، كما يعتقد صحفييون نرويجيون تحدثت معهم DW إذ يرى هؤلاء أن زولبيرغ تبقى رهينة أهدافها بأصوات حزب التقدم اليميني الذي شارك في إصدار مشروع الميزانية. ويأتي تراجع حزب التقدم اليميني في وقت تسجيل أرقام سيئة في استطلاعات الرأي حول مواضيع مثل التعامل مع مواطنين نرويجيين التحقوا بتنظيم “داعش” الإرهابي في الشرق الأوسط. وإلى حد الآن عملت الحكومة النروجية على استعادة فقط أطفال غير مصحوبين دون سن الرشد يحملون جواز سفر نرويجي. وفي يناير/ كانون الثاني وافقت الحكومة رسميا على استرجاع طفلين مع والدتهما البالغة من العمر 29 عاما إلى النرويج. وأحد الطفلين كان يحتاج إلى علاج طبي، وهناك من يعتقد أن عبيد راجا قد تدخل في الخلف لتحقيق هذا الأمر واستعادة هؤلاء الأطفال.
شخصية لامعة وسيرة ذاتية مثيرة للاهتمام
توماس سبينسه يقول لـ DW عن راجا (44 عاما) بأنه ذو “شخصية لامعة” وسيرة ذاتية مثيرة، فهو كطفل عاش في فقر نسبي داخل شقة ضيقة مع والديه وثلاثة إخوة. وداخل البيت كان الأب، ينهج أسلوبا قاسيا في التربية حتى باستعمال العنف. ونقلت إدارة شؤون الشباب راجا إلى دار للعناية بالأطفال حيث كان له اتصال بشباب ينحدرون من ظروف صعبة. وفي سيرته الذاتية يصف راجا عملية سرقة كاد يستخدم فيها حجارة لمهاجمة ضحيته. ويقول بأنه كان يقف عدة مرات أمام “التحول إلى مجرم”. وهذا يبين المسافة القريبة بين الصعود والهبوط في الحياة يقول توماس سبينسه.
نجح راجا في النهاية في تحقيق التقدم عندما أنهى المدرسة الثانوية بنقاط جيدة والتحلق بجامعة أوسلو. هناك تعرف على الطالبة في علم النفس نادية أنصار. “وبسبب القوانين غير المدونة للجالية المسلمة لم يتمكنا من الالتقاء بدون موافقة العائلتين”، يقول سبينسه. “فكانا يلتقيان في فرع مطعم بورغر كينغ في غرب أوسلو، حيث كانا بعيدين عن الأنظار”. وفي الأثناء تزوج الاثنان وأنجبا ثلاثة أطفال”، يقول سبينسه.
وحتى في الدراسة حقق عبيد راجا تقدما: فكأول نرويجي من أصول أجنبية أوفدته جامعة أوسلو لمدة سنة إلى أوكسفورد. وخلال دراسة القانون تغير موقف راجا من الإسلام، وبدأ يسأل عن الإدراك الديني المحافظ في بيت أهله، وشرع في العمل من أجل مساجد مفتوحة والمساواة بين الجنسين. واليوم هو يصف نفسه كمسلم معتدل.
الليبرالي وحزب التقدم
بعد الدراسة اشتغل راجا كمحام قبل أن يُنتخب عام 2013 نائبا في البرلمان النرويجي عن الحزب الليبرالي. وتألق راجا حتى أصبح نائب رئيس الكتلة النيابية للحزب الليبرالي وأحد نواب رئيس البرلمان. وفي الحملة الانتخابية الخريف الماضي اتهم راجا حزب التقدم اليميني بنهج “دعاية سوداء”. ولاحقا اعتذر راجا من حزب التقدم اليميني الغاضب، وقال بأنه لم يعرف المعني التاريخي للون. فاللون الأسود يرمز للنظام النازي في ألمانيا.
وداخل البرلمان المنتخب من جديد انتقم 31 نائبا من حزب التقدم اليميني عندما امتنعوا عن التصويت لصالح راجا كنائب لرئيس البرلمان. فيما ممثلو الأحزاب الأخرى انتُخبوا بالإجماع. وفي وزارة الثقافة والمساواة يكون راجا خلفا لترينه سكاي غراندي ـ زعيمة حزب الليبراليين التي انتقلت في خضم إعادة تشكيل الحكومة إلى وزارة التربية والاندماج. وخلال تعيينه تحدث راجا أمام الصحفيين عن النجاح الكبير الذي تمثله هذه الخطوة. ولا يخفي راجا تطلعاته الشخصية: “فهو لا يشعر بعقد في القول بأنه يريد الصعود إلى القمة”.
ديفيد إيل/ م.أ.م Dw