في الأيام الأخيرة من يناير/كانون الثاني 1995، كان العالم بأسره يناقش النتائج المحتملة لضربة نووية، كادت تحدث بسبب سلسلة من الحوادث.
وضعت جميع قوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية في حالة تأهب قصوى، ثم قام الرئيس بوريس يلتسين بتفعيل الحقيبة النووية. هذه اللحظة سجلت في التاريخ كحادث صاروخي نرويجي.
وقبل شهر، في أرض تدريب جزيرة أنويا في شمال النرويج، بدأ فريق من العلماء الاستعدادات لإطلاق صاروخ Black Brant XII مع معدات علمية لدراسة الشفق القطبي. كان الجهاز مختلفًا عن الأجهزة السابقة من نفس النوع. من حيث الحجم، معلمات الرادار ومراحل الطيران، كان يمكن مقارنته بالصاروخ الباليستي الأمريكي ترايدنت 2، الذي يحمل شحنة نووية ويتم إطلاقه من غواصة.
صدرت تعليمات إلى وزارة الخارجية النرويجية لإخطار الدول المجاورة بإطلاق المسبار العلمي، ولكن دون تاريخ محدد. تمت الإشارة فقط إلى “الفترة المخططة من 15 يناير إلى 10 فبراير 1995”. لعب عدم تحديد التاريخ، وفقا للخبراء، دورا رئيسيا في وقوع الحادث. بالإضافة إلى ذلك، بسبب التأخير البيروقراطي، لم يتم توصيل هذه الرسالة إلى قيادة الإدارات العسكرية الروسية أو إلى وحدات نظام التحذير من الهجمات الصاروخية.
نتيجة لذلك، في 25 كانون الثاني (يناير) 1995 ، “كان العالم مرة أخرى على حافة كارثة نووية عالمي، وكان ضغط زر واحد كاف لتبدأ”. هكذا وصف ضابط سابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية بيتر برا حادثة الصاروخ النرويجي في كتابه ” War Scare: Russia and America on the Nuclear Brink””.
في الوقت المحدد – حوالي الساعة 7 صباحًا بتوقيت وسط أوروبا والساعة 10 صباحًا في موسكو – أعطى مدير أرض التدريب أنويا كولبورن أدولفسن الضوء الأخضر لبدء الإطلاق. بدأ Black Brant XII بنجاح ودخل مسارًا محددًا مسبقًا، بلغ ارتفاعه 1.5 ألف كيلومتر. يتوافق هذا الرقم أيضًا مع مسار الصواريخ البالستية وواحد من السيناريوهات المتوقعة للهجوم النووي على روسيا. كان يتوقع أنه في حالة حدوث نزاع، سيتم إطلاق الشحنة أولاً، مما يخلق نبضًا كهرمغنطيسيًا، ويوقف تشغيل الرادارات وأنظمة الاتصالات الروسية، وهذا يؤدي إلى ضربة واسعة النطاق.
قال الضابط المناوب إن الرادارات رصدت صاروخا باليستيا أطلق من الأراضي النرويجية. كانت هناك اقتراحات بأن مسار الرحلة يمكن زيادته إلى 3.5 ألف كيلومتر، وهي المسافة إلى موسكو. وقال الجنرال أناتولي سوكولوف، الذي كان آنذاك قائداً لجيش نظام الإنذار المبكر من الهجوم الصاروخي، أن إطلاق صاروخ مدني ونووي متشابهان، لا سيما في المرحلة الأولى من الرحلة.
كما لاحظت صحيفة “صندوق التراث الذري”، لم يكن لدى الجيش الروسي الوقت الكافي للتفكير، واتخذوا القرار الوحيد الممكن في ظل هذه الشروط – العمل وفقًا للتعليمات التي تم وضعها عشرات المرات أثناء التدريبات. تم إبلاغ موسكو على الفور بالصاروخ، وخلال بضع دقائق، تم تنشيط ثلاث أجهزة للتحكم بقوات النظام الصاروخي الإستراتيجي – الحقائب النووية لوزير الدفاع الروسي بافيل غراتشيف، ورئيس الأركان العامة ميخائيل كوليسنيكوف والقائد الأعلى بوريس يلتسين.
التسلسل الدقيق للأحداث لا يزال مجهولا. ولكن بعد بضع دقائق تلقى رئيس الدولة معلومات توضيحية من قوات نظام الإنذار المبكر بالهجوم الصاروخي وأعيدت الحقيبة النووية إلى حالتها الأصلية.
ولاحظ بيتر بري في كتابه أنه في اليوم التالي، أعلن بوريس يلتسين للصحافة أنه قام بتنشيط “حقيبة سوداء صغيرة مع زر، على اتصال دائم مع وزارة الدفاع والقادة العسكريين الذين راقبوا رحلة إطلاق صاروخ من النرويج”.
يبقى حادث الصاروخ النرويجي الحالة الوحيدة المعروفة عندما قامت القيادة العليا لروسيا بتنشيط حقيبة نووية. وعلى الرغم من أن الأزمة استمرت لمدة نصف ساعة، وفقًا للمشاركين في الأحداث، أصبحت الأخطر في تاريخ الأسلحة النووية. وفقًا للعديد من الخبراء، لم يكن العالم قريبًا من الحرب النووية كما كان في ذلك اليوم.
Sputnik news