استفاق العالم صباح اليوم الأحد على أنباء قادمة من واشنطن تفيد بتنفيذ قوات أميركية عملية عسكرية قتلت بموجبها أحد أبرز المطلوبين زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي الذي ظل مختفيا منذ سنوات.
ما زالت الكثير من تفاصيل العملية التي جرت في الهزيع الأخير من الليلة البارحة غامضة ومغيبة، وتثير العديد من الإشكالات والتساؤلات أبرزها:
من قتل البغدادي؟
العملية التي قتل فيها البغدادي، كانت عملية أمنية استخباراتية بالدرجة الأولى ساهمت فيها أطراف عدة. ولذلك لم يكشف الأميركيون طبيعة مساهمة الأطراف فيها، فقد اكتفى الرئيس دونالد ترامب بالتأكيد على أن القوة التي نفذت العملية كانت أميركية خالصة، ولكنه أغدق الثناء على دول وجهات أخرى قال إنها ساهمت بأدوار ما في نجاح العملية العسكرية.
ولا يعرف حتى الآن ما هي الجهة التي كان لها الدور الأول والأبرز في تحديد موقع البغدادي، ولم تقدم الإدارة الأميركية حتى الآن أي معطيات بشأن هذه القضية.
وقد سارع الجيش العراقي إلى الإعلان أن جهاز المخابرات الوطني حدد موقع زعيم تنظيم الدولة الإسلامية وأبلغ به الولايات المتحدة التي نفذت الغارة التي انتهت بمقتله.
وقال أيضا في بيان “بعد متابعة مستمرة وتشكيل فريق عمل مختص وعلى مدار سنة كاملة، تمكن جهاز المخابرات الوطني العراقي، وفقا لمعلومات دقيقة، من تحديد الوكر الذي يختبئ فيه رأس داعش (الدولة الإسلامية) الإرهابي المجرم أبو بكر البغدادي
ومن معه في محافظة إدلب السورية”.
بيد أن “قوات سوريا الديمقراطية” ادعت هي الأخرى أن الفضل يعود لها في تحديد مكان اختباء البغدادي. وقالت إن العملية التي أدت إلى قتله جرت بعد أن حددت أجهزة المخابرات التابعة لها مكانه.
وفي السياق ذاته، قال مسؤولان أمنيان لـ “رويترز” إن البغدادي قتل إلى جانب حارسه الشخصي الذي لا يفارقه أبداً في إدلب بعد اكتشاف مخبئه عند محاولته إخراج عائلته إلى الحدود التركية.
كما قال مسؤولان إيرانيان لوكالة “رويترز” إن مسؤولين سوريين أبلغوا طهران بمقتل البغدادي بعد أن حصلوا على المعلومات من الميدان.
من جهتها قالت وزارة الدفاع التركية إن الجيشين التركي والأميركي تبادلا ونسقا المعلومات قبل هجوم إدلب الذي قتل فيه البغدادي.
كيف وصل باريشا؟
كان الاعتقاد سائدا بأن البغدادي يختبئ إما في العراق أو المنطقة الحدودية مع سوريا، ولم يكن أحد يتوقع أن يختبئ في مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة والتي تعد خصما لتنظيم الدولة.
ولكن السؤال الأكبر: كيف وصل البغدادي أصلا تلك المنطقة، خصوصا أن عليه -وفقا لخبراء ومتابعين- المرور بمناطق تسيطر عليها الأطراف الفاعلة بالساحة السورية سواء تعلق الأمر بالنظام وحلفائه الروس والإيرانيين، أو “قوات سوريا الديمقراطية” وحلفائهم الأميركيين، وصولا إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية الحليفة لأنقرة.
ما تفسير توقيت العملية؟
ويبدو توقيت عملية الاغتيال لافتا، فقد جاء بعد أيام من إعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من شمال سوريا.
ويأتي أيضا في سياق داخلي خاص يتميز بتصاعد الضغط على ترامب وقرب الانتخابات الرئاسية.
وأعاد البعض التذكير بظروف وملابسات اغتيال اثنين من “رفاق” أو شيوخ البغدادي هما أبو مصعب الزرقاوي وأسامة بن لادن.
فقد اغتيل زعيم جماعة التوحيد والجهاد الأردني (الزرقاوي) قبيل أقل من سنتين على نهاية المأمورية الثانية للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، واستخدم الأخير تلك العملية كثيرا في سياق الكسب الداخلي والإنجاز على مستوى الحرب على الإرهاب.
ثم جاء قتل بن لادن في مايو/أيار 2011 قبيل شهور من إعلان باراك أوباما ترشحه لمأموريته الثانية، واستخدم الإنجاز ذاته بقوة في حملته الانتخابية.