صوّت حزب الوسط بالسويد -خلال اجتماعه السنوي الذي أجري الأسبوع المنصرم- لصالح التحرك لحظر ختان الذكور دون حاجة طبية، جاء ذلك بعد نقاش ودعاوى تطالب بحظر الختان بالكامل، ليكون قرارهم النهائي ضرورة وجود حاجة طبية. النقاش الذي أثاره الأعضاء يدور في إطار حقوق الطفل، بغض النظر عن الدوافع الدينية التي تلزم الآباء بختان الذكور في سن صغيرة.
أثار النقاش قلق الأوساط المسلمة التي يصل عددها إلى قرابة مليون نسمة ما بين سويدي الجنسية ومهاجرين، هذا بالإضافة لمجتمعات دينية أخرى تؤمن بالختان كطقس عقائدي متعارف عليه مثل اليهود.
ما دعا إليه حزب الوسط ليس بالطرح الجديد، فقبيل انتخابات أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٨، أيد الحزب اليميني المتشدد وحزب جوديسك كرونيكا اليساري مشروع قرار يحظر الختان قبل عمر ١٨ عاما، مثل هذا كثيراً ما يطرأ على الطاولات السياسية.
جذور القضية
القضية تعود إلى سنوات مضت، والعديد من المحطات، لعل أبرزها عام ٢٠٠٩ حينما قام اتحاد البلديات والمجالس النيابية بتقديم عملية الختان عن طريق المستشفيات، فالأمر لم يكن شائعا قبل ذلك الوقت، وما تم إقراره بشكل سياسي كان بسبب الآثار المترتبة على ما كان يسمى هناك “جراحة طاولة المطبخ”.
وما زاد من الأزمة قيام غير المختصين بإجراء عملية ختان الذكور، ورغم القرار السياسي وقتئذ بضرورة إجراء الختان من قبل مختصين فإن جراحي الأطفال كانوا يرفضون القيام بذلك بدعوى أن الأطباء يعالجون الأجزاء العليلة أو شكوى المرضى، ولا يجرون عمليات قد يكون لها مضاعفات دون داع طبي، أو لمجرد أنها جزء من الحضارات والأديان، بحسب وصفهم.
ونتيجة لرفض٧٠% من أطباء الجراحة إجراء عملية الختان -طبقاً لاستطلاعات رأي عام ٢٠٠٩- واجه البعض مضاعفات طبية نتيجة للجوء لغير المختصين بهدف إجراء الختان لأطفالهم.
المطالبات الاجتماعية أدت بشكل مباشر إلى التصعيد السياسي، فأجبرت القيادة السياسية المستشفيات والمختصين على إجراء الختان، وبحسب تقارير “بي بي سي” فإن تلك الموجة ممتدة في العديد من البلدان.
في آيسلندا
النقاش في السويد لم يتعد مستوى الأحزاب وبعض الخطابات الشعبوية للأحزاب اليمينية لتعبئة الأصوات بالجوالات الانتخابية، أما في آيسلندا تحديداً عام ٢٠١٨ فقد قُدم مقترح مشروع على البرلمان يطالب بضم الذكور إلى قانون حظر ختان الإناث الصادر عام ٢٠٠٥، ليشمل قانون المنع جميع الأطفال، ولم يصدق البرلمان على هذا القانون الذي لاقى دعما كبيرا من قبل بعض الأطباء، وانتقادات حادة من القيادات الدينية بالأديان الثلاثة، بحسب صحيفة غارديان البريطانية.
إشكالية حقوق الطفل
أصدرت جامعة تسامينا في أستراليا مذكرة إصلاح قانون ختان الذكور غير مبرر طبياً عام ٢٠١٢، والتي شملت العديد من الإشكاليات والزاوية الطبية والمتعلقة بحقوق الطفل والخط الفاصل بين حرية ممارسة الأديان وحقوق الطفل، المذكرة توصلت إلى سلسلة من الإجراءات التي تحمي الطفل وتحمي حرية ممارسة الدين تحت وصاية الوالدين.
تاريخيا
تقي عملية الختان صاحبها من الأمراض التي تنتقل عبر الممارسة الجنسية بنسبة أكبر من أولئك الذين لم يجروا الختان، كما أكدت العديد من الدراسات وقاية الذكر الذي خضع للختان من سرطان الجهاز التناسلي، وتصل مضاعفات ختان الذكور الرضع -طبقاً لدراسة صادرة عن الأكاديمية الأميركية لأطباء طب الأسرة- إلى ستة لكل عشرة آلاف طفل، مما يعني تعرض الطفل لأحد مضاعفات ختان الذكور التي تصنف ما بين النادرة والنادرة جدا.
وتاريخيا، نقل أحد الرسوم الفرعونية -على حائط مقبرة أثرية تعود للأسرة السادسة التي عاشت قرابة ألفي عام قبل الميلاد- شرحا لعملية ختان الذكور.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية