انتشرت في أوروبا خلال القرن 19 و20 “حدائق حيوان بشرية”، اعتبرت معارض عرقية للزنوج وغيرهم من أبناء الدول غير الأوروبية من دول القارات الأخرى، قبل ظهور التلفاز والإنترنت، فكان بداخل الأوروبيين حينها حاجة ماسه للتعرف على ثقافات المجتمعات الأخرى، وهو ما دفع عالم الأنثروبولوجيا، ويليام ماكغي، للترويج لفكرة استقدام أشخاصا غير أوروبين من بلادهم للعرض في أقفاص أمام العامة كالـ”عبيد”.
لم ينجح “ماكغي” في إقامة أول حديقة حيوان بشرية، بينما نجح من خلفه في ترسيخ الفكرة وإقامتها بعدما استقدمت القوى الاستعمارية والمستكشفين عائلات بدائية بعضهم من السود وأخرين من السكان الأصليين والقبائل البدائية لدول مختلفه على مستوى العالم، والزج بهم إلى الحديقة التي كونت داخلها أقفاص وضع فيها المعروضين أمام الجميع بمناطق مخصصة في كبرى المدن الأوروبية والأمريكية، وعرفت حينها بـ”العروض البشرية” بحسب صحيفة “الجارديان”.
وصل تعداد الزائرين لتلك الحدائق يوميا ما يقرب الـ40 ألف زائر وسمح لهم بمتابعة طقوس وعادات ورقصات الشعوب الأخرى، والذين اعتبروهم أقل درجة منهم، وبات المعروضين متشبهين بالحيوانات، وينعتون بأبشع الصفات التي من شأنها تجريدهم من إنسانيتهم، ما أصبح محل اهتمام لرجال الأعمال الذين سعوا لتحقيق مزيد من الربح من خلال تلك الحدائق على مستوى أغلب الدول الأوربية.
وعلى إثر حرب الولايات المتحدة الأمريكية وإسبانيا في عام 1898 هيمنت الأولى على الفلبين، ولم يتردد الأمريكيون بنقل أعداد كبيرة من الفلبينيين لعرضهم في حديقة حيوان بشرية بالمدن الأمريكية، مع وجود عددا من الأفارقه بينما ساد حينها العنصر الفلبيني عن الإفريقي.
وفي فرنسا، انتشرت حدائق الحيوان البشرية بشكل سريع خلال سبعينيات القرن التاسع عشر، وبسبب الحصار الذي طبقته جيوش الاتحاد السوفيتي -روسيا حاليا- على العاصمة الفرنسية باريس بين عامي 1870 و1871، انتشر الجوع حتى قام الأهالي بافتراس الحيوانات التي كانت معروضة بحدائق الحيوان، وبدل من تعويضها فيما بعد بحيوانات أخرى قام مسؤولي بلدية باريس بملئها بالبشر بالقرب من برج إيفل.
وفي عام 1889 استضافت العاصمة الفرنسية باريس المعرض الدولي الذي تم فيه عرض 400 رجلا إفريقيا، وحضر تلك المعارض ما لا يقل عن 18 مليون شخص.
وفي بلجيكا، وخلال صيف سنة 1897 أمر الملك ليوبولد الثاني أول بإنشاء حديقة حيوان بشرية بالعاصمة بروكسل، وتم نقل 260 كونغوليا نحو تلك الحديقة، وفيها زار ما لا يقل عن 1.3 مليون بلجيكي للحديقة لمشاهدة الكونغوليين التي قامت السلطات الاستعمارية البلجيكية بنقلهم من بلدهم “الكونغو”.
وفي النرويج عام 1914 أنُشأت أولى حدائق الحيوان البشرية في أوسلو وتضمنت ما لا يقل عن 80 إفريقي جائوا من السنغال، ولقيت العروض إقبالا جماهيريا هائلا وفيها زار أكثر من نصف شعب النرويج حديقة الحيوان البشرية للتعرف على تقاليد وعادات السنغاليين.
وانتهى الأمر بموجب مصطلح “حقوق الإنسان” والذي تم ذكره سبع مرات في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة، جعل من تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها غرضا رئيسا ومبدأ توجيهيا للمنظمة، وفي عام 1948، دخل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مجال القانون الدولي، ومنذ ذلك الوقت، لا تزل المنظمة تعمل عملا متفانيا على حماية حقوق الإنسان من خلال صكوك قانونية وأنشطة ميدانية