وسط زغاريد زميلاتها وتصفيقات دبلوماسيين وفنانين وإعلاميين، تُوجت الشابة حسناء فردوس (22 عاماً)، بلقب ملكة جمال عاملات النظافة بالمغرب من شركة «أوزون» للبيئة والخدمات.
مزيج من الاعتزاز والتأثر بدا واضحاً على مُحيا الشابة الجميلة، ابنة قرية «تباروست» الجبلية، نواحي إقليم «أزيلال» بجبال الأطلس، (تبعد قرابة 400 كيلومتر عن الرباط)، مؤكدة أن عملها «الشريف والنبيل»، بمثابة «خدمة للوطن أكثر من كونه عملاً يوفر لها مدخولاً مالياً»، وفق تعبيرها.
حسناء، التي انقطعت عن الدراسة باكراً، لعدم توافر منطقتها على مؤسسة تعليمية ثانوية، تركت منزلها في سن الـ 15 سنة، في اتجاه «المركز الاجتماعي لعين عتيق» نواحي الرباط بقصد الخضوع للتكوين في مجالات الخياطة والصباغة على الزجاج وغيرها، قبل أن يتم توظيفها من طرف شركة «أوزون» قبل عام.
عمل شريف لا يخلو من انتقادات!
سنة واحدة على التحاق حسناء فردوس بعملها الجديد، بدوام يستمر طيلة 8 ساعات، غير فيها الكثير.
تحكي الشابة لـ»عربي بوست» قائلة: «ينطلق عملي قبل شروق الشمس، منذ السادسة صباحاً إلى الثانية بعد الظهر، أعمل خلالها على تنظيف الشوارع وجمع النفايات».
لا تخفِ المتحدثة تعلقها بعملها، الذي وفر لها مدخولاً مالياً يمكنها من العيش بكرامة، زيادة على الوقت الكافي لمتابعة دراستها عبر التمكن من اللغات خاصة الإنجليزية وممارسة الرياضة التي تعشقها منذ الصغر.
بالرغم من حياتها الجديدة، فإنها لا تسلم من همسات المارة وانتقادات بعضهم المباشرة، فيما يخبرونها بأنها «شابة وجميلة ولا يليق بها جمع الأزبال وكنس الطرقات والشوارع». مستطردة: «لا أبالي بكل ما يقولون، بالنهاية لا يعرفون عن حياتي وطموحاتي شيئاً، فبفضل هذا العمل بدأت أحقق جزءاً كبيراً من أحلام طفولتي».
تتمنى حسناء أن تعمل على التعريف بقريتها النائية التي تفتقر للمدارس والمصحات والبنية التحتية اللائقة، وتعتبر أن حلمها الأول يتمثل في مساعدة الأطفال والفتيات على الخصوص على متابعة الدراسة وممارسة الرياضة والهوايات التي يرغبون بها.
احتفاء بالمرأة المغربية والإفريقية
لم تكن الشابة المغربية حسناء هي الوحيدة المحتفى بها من طرف شركة «أوزون» الرائدة في مجال التدبير المفوض لقطاع النظافة والتي تنشط في 60 مدينة مغربية، بالإضافة إلى خمس دول إفريقية، حيث تم تتويج سيدة من دولة مالي باعتبارها ملكة جمال عاملات النظافة بإفريقيا.
ميمونة تراوري، أكدت أن اللقب الذي أحرزته «ليس بسبب أنها جميلة، ولكن لكونها إحدى العاملات بمجموعة «أوزون» التي أنقذتها من البطالة في بلدها مالي».
فعلى الرغم من حصولها على دبلوم عالٍ عام 2009، لم تتمكن ميمونة من ولوج سوق الشغل إلا ابتداءً من عام 2015، سنة انطلاقة الشركة المغربية ببلادها مالي.
عزيز البدراوي، المدير العام للشركة، المنظمة للحفل، أكد بدوره أن اختيار السيدتين المغربية والإفريقية لم يكن بسبب أنهما جميلتان وفقط. «الأمر متعلق بعدد من المعايير من بينها الجدية والتفوق في العمل، والأخلاق الحميدة، زيادة على قصصهما الإنسانية المتفردة ومحاربتهن في سبيل تحقيق أحلامهن»، يقول البدراوي لـ»عربي بوست».
وتطمح المجموعة عبر هذه الخطوة إلى خلق التنافسية بين مجموع العاملات، فضلاً عن تسليط الضوء على هذه الفئة المهمة من عاملات النظافة التي تؤدي خدمات جليلة داخل المجتمع المغربي.
لا تُشغِّل الشركة الحاصلة على شهادة الجودة «آيزو» على عاملات نظافة فقط، حيث تقوم نساء بقيادة شاحنات الأزبال وتشتغل أخريات في مجال المراقبة، أما المدير العام لـ»أوزون» فيرى أن هؤلاء النسوة يستحققن أكثر من الاحتفال ليوم واحد، «يجب أن نقف إجلالاً واحتراماً لهن كلما شاهدناهن في إحدى الطرقات أو الشوارع»، وفق تعبيره.