في إحدى المناسبات، قال روي هودجسون مدرب إنجلترا السابق إن وجود مجموعة من أبرز المواهب في كرة القدم العالمية في الدوري الإنجليزي الممتاز قد يساعد اللاعبين الإنجليز على التحسُّن، رغم أن كثيراً منهم قد يضطرّون للجلوس على مقاعد البدلاء في المباريات. وأضاف هودجسون أنه يضم بعض اللاعبين إلى المنتخب الإنجليزي، رغم أنهم يجلسون على مقاعد البدلاء مع أنديتهم، مشيراً إلى أن هذا الأمر لم يكن يخطر حتى على البال في السنوات الماضية.
واعتبر هودجسون أن هؤلاء الذين يجلسون على مقاعد البدلاء في أنديتهم يفيدون في أحيان كثيرة المنتخب الإنجليزي. وأوضح هودجسون أن قوة الدوري الممتاز جعلته قبلة للمواهب البارزة من جميع أنحاء العالم. من بين هذه المواهب البارزة، برز لاعبون نروجيون كثيرون. «الغارديان» تلقي الضوء هنا على ستة لاعبين من النرويج تألقوا في ملاعب كرة القدم الإنجليزية.
– جوستين فلو
إن كان العقد الحالي قد شهد تألقاً لافتاً من يانب اللاعبين البلجيكيين في الدوري الإنجليزي الممتاز، ففي بداية التسعينات من القرن الماضي كان من الصعب أن تجد نادياً بالدوري الإنجليزي الممتاز لا يضم لاعباً من النرويج. وقد بدأت أكبر موجة لتدفق اللاعبين النرويجيين بعد واحدة من الليالي الحزينة في تاريخ كرة القدم الإنجليزية، وذلك عندما خسر المنتخب الإنجليزي أمام نظيره النرويجي في أوسلو بهدفين دون رد في إطار التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم. وكان منتخب النرويج في ذلك الوقت يضم كوكبة من اللاعبين المتألقين الذين جذبوا أنظار أندية الدوري الإنجليزي الممتاز.
وكان اللاعبون النرويجيون إيريك ثورستفيدت، وستيج انجي بجورنايبى، وغونار هاله يلعبون بالفعل في ذلك الوقت لأندية توتنهام هوتسبير وليفربول وأولدهام بالترتيب، وسرعان ما انتقل ستة لاعبين آخرين من النرويج للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان من بين اللاعبين الذين تألقوا بشدة في تلك الفترة المهاجم جوستين فلو الذي كان يبلغ من العمر 28 عاماً، والذي جذب أنظار مسؤولي نادي شيفلد يونايتد.
وكان فلو أحد العناصر الأساسية في تشكيلة المنتخب النرويجي ويقدم مستويات رائعة في مركز الجناح الأيمن، وكان بارعاً في إرسال الكرات العرضية المتقنة إلى زملائه داخل منطقة جزاء الفرق المنافسة، للدرجة التي جعلت موسوعة «ويكيبيديا» تصك مصطلحاً خاصاً باسم «عرضية فلو»، في إشارة إلى الكرات العرضية السحرية التي كانت يلعبها لزملائه.
ونظراً لتلك المهارات والإمكانيات الرائعة، لم يكن من الصعب أن يُعجب المدير الفني لنادي شيفلد يونايتد، ديف باسيت، بهذا اللاعب. وفي غضون أسابيع قليلة من هزيمة المنتخب الإنجليزي أمام نظيره النرويجي، دفع شيفلد يونايتد 400 ألف جنيه إسترليني لنادي سوجندال للحصول على خدمات فلو. وتعاقد شيفلد يونايتد مع فلو ليكون بديلاً لنجم الفريق براين دين. وتألق فلو وقدم مستويات رائعة ونجح في تسجيل هدف في أول مباراة له مع شيفلد يونايتد، وكان ذلك في مرمى نادي ويمبلدون.
وأنهى فلو الموسم هدافاً لنادي شيفلد يونايتد، لكن المشكلة كانت تكمن في أن التسعة أهداف التي سجلها في الدوري الإنجليزي الممتاز لم تكن كافية لإنقاذ فريقه من الهبوط لدوري الدرجة الأولى، كما لم تكن كافية لإقناع جماهير النادي بأنه صفقة من العيار الثقيل.
صحيح أنه سجّل هدفاً رائعاً في مرمى ليدز يونايتد وسجل هدفين في مرمى ليفربول على ملعب «آنفيلد» وساعد فريقه على الفوز في تلك المباراة، لكن الفاصل الزمني بين هاتين المواجهتين كان كبيراً، وهو ما يعني أن فلو لم يقدم أداء ثابتاً في جميع المباريات. ظل فلو يلعب مع شيفلد يونايتد في دوري الدرجة الأولى ويقدم أداء متوسطاً مع الفريق حتى عاد إلى وطنه مرة أخرى عام 1996 عندما انتقل لنادي سترومسجودست، لكن اثنين من مواطنيه – شقيقه توريه أندريه وابن عمه هافارد – واصلا المسيرة، وانتقلا بعد ذلك للعب في إنجلترا.
يان فيورتوفت
على بُعد أمتار قليلة من ملعب «كاونتي غراوند»، توجد لوحة جدارية لثلاثة من أفضل اللاعبين في تاريخ نادي سويندون الإنجليزي، وهم تشارلي أوستن ودون روجرز والنرويجي يان آجي فيورتوفت. انضم فيورتوفت، الذي لعب في خط الهجوم لمنتخب النرويج أمام إنجلترا، لنادي سويندون تاون الصاعد حديثاً للدوري الإنجليزي الممتاز عام 1993 وهو في قمة تألقه بعد أربع سنوات من اللعب لنادي رابيد فيينا، في صفقة قياسية للنادي الإنجليزي بلغت 500 ألف جنيه إسترليني. يتميز فيورتوفت بالطول الفارع، إذا يصل طوله إلى 1.96 متر، وبالتالي كان نادي سويندون تاون يعقد آمالاً كبيرة عليه في الألعاب الهوائية والكرات العرضية.
ورغم أن سويندون سيتي أنهى الموسم في المركز الأخير بعشر نقاط فقط، فإن فيورتوفت أحرز عشرة أهداف، جميعها في الدور الثاني، كما قدم أداء جيداً في دوري الدرجة الأولى، وأحرز 25 هدفاً في جميع المسابقات في العام التالي.
انتقل فيورتوفت لنادي ميدلسبره مقابل 1.3 مليون جنيه إسترليني في مارس (آذار) 1995، وقدم مستويات جيدة في أول موسم له مع الفريق، لكنه لم يستطع المحافظة على مكانه في التشكيلة الأساسية، وبدأ النادي يعتمد على فابريزيو رافانيلي بدلاً منه. لعب فيورتوفت موسمين آخرين في دوري الدرجة الأولى قبل أن ينتقل لنادي شيفلد يونايتد، ثم انتقل في موسم 1997 – 1998 لنادي بارنسلي.
– لارس بوهينن
لم يكن منتخب النرويج الذي فاز على إنجلترا في ذلك الوقت يعتمد كُلية على لاعبين أقوياء من الناحية البدنية يلعبون الكرات الطولية، لكنه كان يضم لاعباً في خط الوسط يمتلك مهارات وإمكانيات كبيرة، وهو صانع الألعاب إيريك مايكلاند، كما كان يعتمد دائماً على لارس بوهينن، الذي كان يقدم لمحات إبداعية ومهارات استثنائية تجعله أحد أبرز اللاعبين في النرويج في ذلك الوقت. وبفضل هذه المهارات والإمكانيات، تعاقد نوتنغهام فورست، الذي كان قد هبط أخيراً لدوري الدرجة الأولي، مع بوهينن مقابل 450 ألف جنيه إسترليني.
كان الفريق يحتل المركز السادس عشر في جدول ترتيب دوري الدرجة الأولى عندما ضم بوهينن، لكن اللاعب النرويجي تألق بشدة وقاد النادي لخوض 14 مباراة متتالية دون خسارة، والترقي إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، وظل يقدم هذا الأداء الرائع حتى موسم 1994 – 1995.
أنهى نوتنغهام فورست أول موسم بعد العودة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز في المركز الثالث.
ورغم أن أهداف ستان كوليمور كانت تحتل معظم العناوين الرئيسية في الصحف، فإن بوهينن كان يقدم أداء استثنائياً طوال الوقت. كان ذلك الأداء كافياً لجذب أنظار حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 1995 قام بلاكبيرن بتفعيل الشرط الجزائي في عقد بوهينن مع نوتنغهام فورست، البالغ قيمته 700 ألف جنيه إسترليني وضم اللاعب النرويجي.
ورغم أن بوهينن بدأ مسيرته مع بلاكبيرن روفرز بقوة وسجل هدفين في المباراة التي سحق فيها بلاكبيرن نوتنغهام فورست بسباعية نظيفة، فسرعان ما خفت أداء اللاعب، رغم أننا لا نزال نتذكر ذلك الهدف الرائع الذي أحرزه بمجهود فردي في مرمى مانشستر يونايتد على ملعب «أولد ترافورد» في أغسطس (آب) 1996، ليتقدم فريقه بهدفين مقابل هدف وحيد، لكن مانشستر يونايتد أدرك هدف التعادل عن طريق اللاعب النرويجي الآخر الصاعد آنذاك أولي غونار سولسكاير، الذي يتولى الآن القيادة الفنية لمانشستر يونايتد.