“الموت ممنوع على أرض لونجييربين”، ليست عبارة تحذيرية معلقة بأرض المدينة النرويجية، بل هو عرف وقانون عجيب يتبع منذ سنوات طويلة، إذ تنقل السلطات أي شخص معرض للموت لمدينة أخرى قريبة، حتى لا يفقد حياته على أرض لونجييربين، ترى ما السبب؟!
أرض لونجييربين العجيبة
في أقصى شمال الكرة الأرضية، توجد لونجييربين، التي تعد كبرى مستوطنات سفالبارد النرويجية، إذ تعرف بانخفاض مذهل في درجات حرارتها أغلب شهور العام، يصل بها في بعض الأحيان إلى نحو 32 درجة مئوية تحت الصفر، لذا اعتاد السكان القليلون هناك تلك الحياة المتجمدة التي تعيشها المدينة النرويجية معظم الوقت.
يتطلب العيش على أرض لونجييربين، الالتزام بمعايير أمان مختلفة قليلا، يأتي في مقدمتها ضرورة ارتداء ملابس ثقيلة للحفاظ على الصحة، وعدم إحضار أي قطط للحفاظ على حياة الطيور الصغيرة الموجودة هناك، إضافة إلى الالتزام بالشرط العجيب، والخاص بعدم التعرض للموت هناك، والسبب إنساني وهو الحفاظ على حياة آلاف الأشخاص الآخرين كما نوضح الآن.
مدينة ضد الموت
يتسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة، في العادة، في عدم تحلل الأشياء، من هنا بدأ في سنة 1950 تطبيق قانون عدم الموت على أراضي لونجييربين، حيث فطن المسؤولون إلى كارثة محققة من الوارد أن تحدث، وذلك عندما يدفن شخص توفي جراء مرض فتاك، ثم يحفظ الفيروس لسنوات وعقود طويلة معه، بسبب تجمده المثالي، الذي يسمح بانتشار الفيروس لاحقا بين السكان، ولو بعد حين، على طريقة أفلام الرعب!
الجدير بالذكر أنه في عام 1990، تأكد العلماء فعليا من جدوى مثل هذا القانون الغريب، عندما أجروا دراسة على جثث أشخاص ماتوا قديما، ليكتشفوا أن جثة أحدهم ما زالت تحتفظ بوباء الإنفلونزا الإسبانية، والذي انتشر عالميا وقضى على حياة هذا الشخص ومعه 5% من سكان العالم آنذاك في عام 1918، أي أن هذا الفيروس الفتاك كان محفوظا لأكثر من 70 سنة، مهددا حياة سكان المدينة الهادئة.
من هنا، نكتشف أن مسؤولي مدينة لونجييربين، كانوا على صواب مع قرار منع الموت على أراضيها، إذ يؤكد الخبراء أن الحالة الوحيدة التي يسمح فيها بدفن شخص هناك، تكون بعد حرق الجثة، وذلك في حال عدم نقله سريعا بالطائرة لأي مدينة أخرى قريبة، وهو أمر يحتاج إلى تصاريح عدة ولن يقبل به الكثيرون، لذا فالحل الأسلم دائما هو الابتعاد عن تلك الأرض الباردة والمعادية للموت