يقول المثل: “اللي دولاره محيره يشتري حمام ويطيره” هذا المثل ينطبق على تصرفات المشرفين على صندوق النرويج السيادي الذي أصبح الآن عبئاً ومصدر قلق لحكومة النرويج خوفاً من ضياع مُدّخراتها التي جمعتها – على مدى عشرين عاماً – من مبيعات البترول وبدلاً من صرفها على بناء تنمية مستدامة داخل النرويج اشترت بها أصولاً مالية في الخارج بحجة الحصول على عوائدها عند حصول عجز في الميزانية.

لكن عندما احتاجت النرويج – لأول مرة – للسحب من صندوقها لتغطية العجز في ميزانيتها لعام 2016 حذرها رئيس البنك المركزي (المشرف على الصندوق) بأنه لا يمكن الاعتماد على عوائد الصندوق لتغطية عجز الميزانية وبأن هذا سيؤدي الى تلاشي الأصول وعلى النرويج أن تبحث عن وسائل أخرى لتغطية العجز.

ثم بدأ المشرفون على الصندوق يبحثون عن المبررات التي يبررون بها عدم قدرة الصندوق على تلبية طلب وزيرة المالية بسحب حوالي 4 % وهي في حدود النسبة التي كان الصندوق يزعم بأنها عوائد صافية سنوية على مدى عمر الصندوق. وهكذا بدأ الصندوق يتخبط ويعيد توزيع استثماراته بين السندات والأسهم الذي قال إنها أكثر خطورة ولكنها أعلى عوائد. كذلك خفض النسبة التي يجوز سحبها إلى 3 % بدلاً من 4 %.

وأخيراً لقد فاجأ صندوق النرويج العالم بتاريخ 16 نوفمبر (قبل ثلاثة أسابيع) بأنه سيبيع جميع أسهمه البالغ قيمتها حوالي أربعين مليار دولار في شركات البترول لأنه يخشى – كما برّر السبب – أن يتعرض للخسارة بسبب تقلبات أسعار البترول.

اللافت أنه في نفس اليوم بتاريخ 16 نوفمبر نشرت بلومبيرق تعليقاً على الخبر بعنوان يقول أرامكو السعودية فقدت للتو أكبر مستثمر عالمي وبأن هذا سيسبب لطرح أرامكو مشكلتين. أولاً ستفقد أكبر مستثمر عالمي في الأسهم وثانياً لأنه سيعطي انطباعاً للمستثمرين الآخرين بعدم جدوى الاستثمار في شركات البترول.

ثم يختتم الكاتب (Javier Blas) تعليقه المنشور في بلومبيرق بقوله: لقد رفضت أرامكو التعليق على الموضوع. مما يدل على محاولة وسائل الإعلام الربط بين بيع الصندوق النرويجي لأسهمه في شركات البترول وبين الطرح الأولي لأرامكو في البورصات العالمية مما دفع كاتب الخبر إلى الاتصال فوراً بأرامكو لمعرفة ردة فعلها على الحدث. والصدفة أن النرويج سيتخذ قراره النهائي في النصف الثاني من عام 2018 (نفس توقيت طرح أرامكو).

لكن الشيء المتناقض هو التبرير (وهو عُذر أقبح من ذنب) الذي ذكره الصندوق بأن سبب تخلصه من أسهم شركات البترول ليس لسبب المحافظة على سلامة البيئة وإنما السبب هو لتفادي المخاطر المحيطة بشركات البترول بسبب تقلبات سعر البترول.