اوسلو – النرويج بالعربية
كنت أتمنى أن يتجرأ أحد الدكاترة المتخصصين في الاقتصاد الذين يطالبوننا بإنشاء صندوق سيادي في الخارج مماثل للصندوق السيادي النرويجي فيحاول أن يجاوب على السؤال المفتوح الذي ختمت به زاوية الأحد الماضي ولقد كان نص السؤال (بتصرف بسيط) كالتالي:
نفترض أنه يوجد دولة لديها صندوق سيادي في الخارج تبلغ قيمته السوقية اثنين تريليون دولار، ويقول المشرفون عليه بأن متوسط عوائده (معدل نمو قيمته السوقية) 3.5 %. فهل يا ترى تستطيع هذه الدولة أن تسحب العوائد البالغة 70 مليار دولار سنويا من غير أن تنخفض قيمة الصندوق؟
الجواب سنأخذه من تجربة الصندوق النرويجي. وفقا لسجلات الموقع الرسمي لصندوق النرويج تبلغ قيمته السوقية الأن حوالي 8.05 تريليون كرون أي حوالي 947.38 مليار دولار ويقول الموقع بأن متوسط العوائد السنوية 3.8 % وهذا يعني نظريا أن عوائد الصندوق الآن بالأرقام 36 مليار دولار.
هذا الذي كانت تتوقعه وزيرة المالية النرويجية (Siv Jensen) بأنه بإمكان وزارة المالية أن تسحب جزءا من العوائد الصافية التي تبلغ نظريا وفقا لسجلات الصندوق حوالي 36 مليار دولار لتغطية العجز في ميزانية النرويج من غير أن تتعرض أصول الصندوق النرويجي للنقص أو التآكل.
لكن المفاجأة المُفزعة التي لم تكن تتوقعها وزيرة مالية النرويج هي التحذير المُباغت من رئيس البنك المركزي النرويجي (Oystein Olsen) وهو أيضا المشرف على إدارة صندوق النرويج بأن تغطية عجز الميزانية عن طريق سحب جزء من عوائد الصندوق قد يؤدي الى تآكل قيمة الصندوق بمقدار 50 % (أي الى النصف) فتنخفض الى حوالي 473.50 مليار دولار فقط بعد 10 سنوات فقط.
هذه المعلومات نشرتها نشرة (Zero Hedge) بتاريخ 17 / فبراير 2017 تحت عنوان لافت يقول: “مسؤول بنك النرويج المركزي يُحذر من انخفاض كاسح بمقدار 50% في أصول صندوق النرويج”.
لم تكن هذه المعلومات المُذهلة من الممكن تسريبها الى العلن لو لم يحدث لأول مرة في تاريخ صندوق النرويج السيادي منذ إنشائه عام 1996 بأن تقرر الحكومة النرويجية لأول مرة بأن تسحب جزءاً من عوائد صندوقها السيادي لتغطية عجز الميزانية لعام 2016 ثم ميزانية عام 2017.
الواقع أن النشرة المذكورة تستعرض على لسان رئيس البنك المركزي سيناريوهات متعددة. أحدها يقول السندات عوائدها سالبة. وسيناريو آخر يتوقع أن تكون عوائد السندات 0.25 % وعوائد الأسهم 0.28 % (صفر تقريبا) على مدى العشرة سنوات القادمة. كذلك لا يستبعد أن تكون العوائد الإجمالية سالبة ويزداد الغموض عندما يقول رفع نسبة الأسهم تزيد احتمال وقوع الخطر.