دجأوسلو- النرويج بالعربي
تشتهر الدول الإسكندنافية بالمساحات الشاسعة والطبيعة الوعرة، وهو ما يتجلى للسياح بوضوح عند زيارة جزيرة سينجا في بحر الشمال، التي تجمع مظاهر الطبيعة الشمالية من كل جوانبها، إضافة إلى العديد من المظاهر الثقافية المتنوعة.
دراجات
ينعم هواة التجول بالدراجات بأجواء ساحرة بجزيرة سينجا عند قيادة الدراجات الهوائية على المسار رقم 1، حيث يتبع هذا المسار في معظمه الطريق السياحي. ويتعين على قائد الدراجة الضغط على الدواسات بقوة في بعض المناطق عند صعود المرتفعات. وتبدو قرية الصيادين الوحيدة كأنها فقاعة داكنة اللون في بحر الشمال بمياهه الزرقاء، وترتبط هذه القرية بجزيرة سينجا بواسطة أحد الجسور.
ويمتاز مكان الراحة والاسترخاء بشاطئ إرسفيورد بالحمام الذهبي، ونظراً لأنه يشتمل على ألواح ألمنيوم مطلية بالذهب فإن هذه الأيقونة الفنية المثلثة تتلألأ من بعيد، وتدعو السياح إلى أجواء الفخامة والرقي.
وعادة ما يستقبل قبطان القارب، جان ترين، السياح قائلاً: «مرحباً بكم في منطقة البحر الكاريبي الخاص بنا»، حيث تتلألأ المياه باللون الفيروزي حول الجزيرة الصغيرة، كما تغسل الأمواج شواطئها البكر ذات الرمال البيضاء الناعمة، ويمكن لعشاق التنزه الاستمتاع بالمناظر الطبيعية على جزيرة فارويا، التي تعتبر واحدة من الجزر الصغيرة، التي يبلغ عددها 98، والمنتشرة قبالة الساحل الشمالي الغربي من جزيرة سينجا.
وتمتاز جزيرة سينجا، التي تعد ثاني أكبر جزيرة في النرويج، بقصر فصل الصيف، حيث إنها تقع على بعد 350 كلم إلى الشمال من الدائرة القطبية الشمالية، وعلى درجة عرض 69 في بحر النرويج. ويبلغ عدد سكان جزيرة سينجا نحو 8000 نسمة، ولم تتمتع في السابق بالشهرة نفسها لجزيرة لوفتين، التي تقع إلى الجنوب منها. وهناك عدد قليل من الحافلات السياحية، التي تسلك طريقها إلى منطقة نوردكاب، تتوقف في هذه المنطقة للاستراحة، وتعتبر جزيرة سينجا مقصد عشاق الطبيعة ومحبي الهدوء.
وتجمع جزيرة سينجا المظاهر الطبيعية في النرويج من كل جوانبها، حيث يوجد في الجزء الجنوبي الشرقي منها مضيق غيزوند، وتنتشر مراعي الأبقار وحقول البطاطس، أما الجزء الشمالي الغربي فيمتاز بالمناظر الجبلية البديعة لجبال شمال المحيط الأطلنطي.
ويمكن للسياح معايشة أجواء النرويج بشكل مصغر أثناء القيام بجولة على درب مشاهدة المناظر الطبيعية في جزيرة سينجا، ويعتبر هذا الدرب واحداً من 18 درباً سياحياً في النرويج، ويمتد لمسافة 102 كلم، ويربط بين ميناءي العبَّارات غريللفورد وبوتنهامن، ويقوم معظم السياح بهذه الرحلة في يوم واحد، ولكن من الأفضل أن تتوقف الرحلة وينزل السياح من الحافلة لأخذ قسط من الراحة والاستمتاع بالأجواء الثقافية.
وشهدت المساحة الصغيرة من منطقة هامن كتابة فصل مهم من تاريخ الثقافة الصناعية. وأوضح المرشد السياحي الطبيعي، موجن فيوم، قائلاً: «بدءاً من 1872 كان هناك منجم لمدة 14 عاماً، وكان يعمل به نحو 450 عاملاً، وكان يعيش في هذه القرية آنذاك 650 نسمة، وكانت تضم كنيسة ومدرسة ومنزلاً لإقامة الضيوف ومتجراً لبيع المواد الغذائية. ويعتبر هذا المنجم حالياً من المعالم الثقافية في المنطقة.
مجسّم ترول
يظهر مجسم ترول، الذي يبلغ ارتفاع 18 متراً، فجأة بعد انعطاف الطريق. وأوضح لايف روباخ قائلاً: «ترول سينجا كان ينظر إلى الماء وإلى الأرض»، وقد قام لايف روباخ، الذي يبلغ من العمر 70 عاماً، ببناء حديقة الأساطير والخيال خلال حقبة التسعينات من القرن المنصرم، والتي تشتمل على أكبر ترول في العالم، والذي يبلغ ارتفاعه 18 متراً، ويصل وزنه إلى 125 طناً.
وخلال أسابيع الصيف من شهر يوليو في كل عام يدعو عشاق الترول للاستمتاع بعرض ترول المثير، حيث يتم الرقص على بطن ترول، كما يتم عزف أغنيات ترول بواسطة الفرقة الموسيقية، التي تحمل اسماً ملائماً وهوThe Trolling Stones.
وإذا كانت هذه العروض تمتاز بالكثير من الضجيج والضوضاء، فإنه يمكن لعشاق التجول الاستمتاع بالهدوء في أحضان الطبيعة، حيث يوجد في الجزيرة ما يبلغ مجموعه 26 من مسارات التجول المزودة بلافتات إرشادية، وقد تم تمييز دروب التجول هذه بألوان مختلفة بدءاً من اللون الأخضر للدروب السهلة والبسيطة، ووصولاً إلى دروب التجول الحمراء الوعرة، التي تمتاز بالصعوبة.
ومن واقع الخبرة أشار المرشد السياحي، موغينز فايس، إلى أن جزيرة سينجا ليست مزدحمة بالأفواج السياحية، ففي معظم الأحيان تكون المجموعة السياحية بمفردها على الجبل، ومع ذلك فإن التجول على المسارات الموجودة بالساحل الشمالي الغربي من الجزيرة مجهد جداً، ويتناسب مع عشاق التجول من أصحاب الخبرة. ويبدأ أسهل المسارات من سكالاند عند كنيسة فون بيرغ، ويمر لمسافة سبعة كيلومترات ليصل إلى ارتفاع 632 متراً عند منطقة هوسفغلليت.
ويمكن للسياح من هذه المنطقة الاستمتاع بإطلالة رائعة على قرية بيرغسفيورد، التي تمتاز بالمنارة الصغيرة، التي تحيط بها المياه الفيروزية. ولا يتمكن سوى عدد قليل جداً من المتجولين من الوصول إلى هذه النقطة في مسار التجول، وبدءاً من الطريق الرئيس في سكالاند يضيق مسار التجول الساحلي المتعرج باستمرار، حيث يتخيل السياح أن نهاية العالم تبدو قريبة.
مركز ثقافي
وعلى العكس من ذلك أكد جورج بليكفيلد قائلاً: «نحن لسنا النهاية، بل إننا المركز الثقافي للعالم». وقد قام المدير الثقافي بتحويل مصنع الأسماك السابق إلى مركز ثقافي مهم تشع منه فنون الثقافة والفن والمسرح. ويمتاز مهرجان الموسيقى خلال نهاية الأسبوع الأول من شهر يوليو بعرض الموسيقى الكلاسيكية والأنماط المختلفة الأخرى من الموسيقى، ويحتفل المهرجان هذا العام بدورته الرابعة عشرة.
وتتيح جزيرة سينجا للسياح أيضاً فرصة الاستمتاع بفنون عمال الطرق، حيث توجد أماكن للراحة والاسترخاء غير عادية على طول الطريق السياحي ودروب التجول 86/862، ويقف السياح على منحدر المراقبة مع كاميراتهم أو الأجهزة الجوالة الأخرى، مثل الهواتف الذكية والحواسب اللوحية، لالتقاط صور بانورامية رائعة للصخور. ويمر درب التجول على الحافة الشمالية الغربية الوعرة لجزيرة سينجا، وتعرف القمم الجبلية الشامخة باسم «أسنان الشيطان».