اوسلو – النرويج بالعربي
حفل عام 2016 بالتقلبات السياسية في العراق، فيما يتوقع أن يكون 2017 عام “المفاجآت الكبيرة”. واستطلعت “العرب” آراء عدد من الساسة في العراق بشأن أبرز أحداث عام 2016 وتوقعاتهم لعام 2017، فتراوحت التوقعات بين “انفجار الخارطة العراقية”، و”ولادة تحالفات سياسية جديدة”.
وبينما كان البعض متفائلا بأن يكون 2017 عام “رضوخ الطبقة السياسية لإرادة الجماهير”، يخشى آخرون “تنامي قوة العشائر، وسيطرة الحشد الشعبي على الحياة في وسط العراق وجنوبه”. ويعتقد القيادي في اتحاد القوى، حيدر الملا، أن “أهم حدث سياسي في 2016 هو تحول الليبرالية الرأسمالية العالمية من اليسار إلى اليمين، ومن ملامح هذا التحول التصويت البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي وفوز ترامب برئاسة الولايات المتحدة وخسارة ساركوزي في انتخابات حزبه الداخلية”.
ويرى الملا أن “هذا التحول في المتبنيات الفكرية للقوى الدولية بكل تأكيد سينعكس على واقع المنطقة والعراق.. وقد يكون العراق أكثر البلدان تأثرا بسبب هشاشة الوضع فيه، ولذلك فإن الحدث الأبرز الذي يمكن توقعه في المستقبل الـقريب هـو عـدم إجراء الانتخابات سواء لمجــالـس المحافظات أو الانتخابات البرلمانية إذ سنشهد متغيرات كثيرة وستكون للقوى الدولية والمحيط الإقليمي بصمات واضحة على واقعنا السياسي”.
أما أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق، فيقول إن 2016 كان عام تحييد “الطبقة السياسية السنية بشكل ملحوظ تحت حجة الإصلاح وإبعادها عن دوائر القرار، ولم نلاحظ مساهمتها في أي قرار تراه إيجابيا تجاه مناطقها”، مضيفا أن “من تبقى من الطبقة السياسية السنية قريبا من موضع القرار تم استغلاله لتمرير كل القوانين التي كان يرفض السنة إقرارها بهذا الأسلوب”.
ويعتقد النجيفي أن “السياق الذي سارت عليه الدولة العراقية خلال السنين الماضية وصل إلى حافة الهاوية ولا بد من إيجاد صيغة جديدة للوضع العراقي، فإذا تم الاتفاق على صيغة مقبولة فسيبقى العراق موحدا ولكن بشكل اتحادي فيدرالي، وإذا لم يتم الاتفاق فسنجد انفصالا كرديا قد يفجر الخارطة العراقية”.
لكن قصي محبوبة، المستشار السياسي لزعيم المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم، يرى أن القوى الشيعية أظهرت قدرة فائقة على التكيف وامتصاص الصدمات خلال 2016، فضلا عن قدرة عالية على البراغماتية السياسية والانحناء أمام العواصف.
ويقول محبوبة “استطاعت القوى الشيعية ضبط خلافاتها الداخلية العميقة، ودعمت الحكومة رغم عدم اتفاقها جميعا عليها، كما أنها وازنت في العلاقة بين إيران وأميركا ولم تكن طرفا في الصراع واستثمرت الخلاف لحصد نتائج لصالحها خلال عام 2016، فضلا عن نجاحها، لأول مرة، في توزيع الأدوار مع الشركاء في الساحة الوطنية كرديّا وسنيّا”.ولذلك، وفقا لمحبوبة، “تعرضت القوى الشيعية لحملة تشكيك مصيرية من قبل جمهورها وفقدت الكثير منه”. ويشير محبوبة إلى “مراجعات حقيقية عند أغلب القوى الشيعية، ولكنها تفتقد للوجوه الجديدة، باستثناء تيار شهيد المحراب والتيار الصدري”.
ويتوقع المستشار السياسي للحكيم أن يشهد عام 2017 “ولادة تحالفات جديدة على المستوى الوطني وانزواء بعض القوى الصغيرة، ودخول العراق مرحلة الاستقطابات الدولية والتوافقات الإقليمية وتأثيرها على العملية السياسية”.
ويعتقد السياسي المستقل ليث شبر أن “العراق ماض إلى الأفضل، وستكون سنة 2017 سنة الانتصار على داعش في نصفها الأول والانتصار على الفساد في نصفها الثاني”.
ويقول شبر إنه “على الرغم من كل التحديات الكبيرة التي عصفت بالعراق في السنة الحالية 2016 خرج العراق منها منتصرا معتمدا على الروح المعنوية الكبيرة للعراقيين وعلى التضحيات الجمة والبطولات التي تحققت في ميدان المعركة مع أعتى وأقذر عدو للإنسانية على وجه الأرض”.
وأما التسويات فستكون كبيرة، كما يتوقع شبر، مشيرا إلى أن “الأحزاب المتغولة في السلطة سترضخ للمطالب الشعبية والجماهيرية وستجد نفسها مرغمة على التنازل عن الكثير من تطلعاتها ومكاسبها السلطوية بسبب الثورة الجماهيرية العارمة التي ستكبر بعد الانتصار على داعش لتبلغ أوجها منتصف سنة 2017”.
ويراهن شبر على أن يكون عام 2017 “البوابة الحقيقية للتغيير سواء بنشوء قيادات سياسية ستجد لها موقعا مهما في الانتخابات المقبلة، أو باضطرار الأحزاب الكبيرة إلى تغيير قياداتها وسياساتها بما يتلاءم مع نشأة دولة مدنية حقيقية”.
وعلى المستوى المناطقي، يتوقع شبر أن “تتحد كردستان مجددا، بعد هزات عنيفة، وستنطلق حركة إعمار في المحافظات التي تمت استعادتها بينما سيبقى الجنوب على حاله بسبب سوء إدارة الحكومات المحلية”.
ويتوقع الصحافي مصطفى ناصر أن يتم “تأجيل الانتخابات النيابية بضعة أشهر، وظهور تحالفات جديدة مبنية على أساس الإرادات الدولية والإقليمية ولن تكون تكتلات طائفية بالضرورة”. كما يرى أن “2017 سيشهد ترتيبات جديدة لوضع الموصل، من أجل منع فدرلتها، أو أقلمتها، الأمر الذي سيخلق ثورة سنية جديدة يقودها دعاة الفيدرالية، من أجل الانفصال أو الالتحام بإقليم كردستان”.
وتوقع “المزيد من النمو العشائري في عموم العراق وتراجعا للقانون تصاحبهما سيطرة الحشد الشعبي على الحياة العامة في جنوب العراق ووسطه”.