اوسلو – النرويج بالعربي
مذهلة تلك الاساليب التي تتبعها بلدان شمال القارة الاوروبية في مجال المنافسة بتكريم وتخليد مبدعيها ونخبتها الفاعلة في المجتمع، التكريم لا يقتصر فقط على مرحلة ما بعد الوفاة بل ايضا يتم الاحتفاء بالنخب الفاعلة في حياتهم وبعد مماتهم بنفس الوقت.
فما ان يثبت المبدع جدارة بين غابة من الانتلجنسيا المتنوعة جدا في تلك المنطقة الغزيرة بنشاطها الادبي، الثقافي، الفني والعلمي حتى يجد طريقه الى محافل التكريم بأشكال واساليب مبتكرة.
تسمى الشوارع، المباني والمؤسسات بأسماء المبدعين، تشيّد لهم التماثيل، تقام على شرفهم مسابقات ابداعية. ليس ذلك حكرا على المؤسسات الجادة الرسمية منها وغير الرسمية بل ايضا يشمل حتى الشركات الخاصة والعامة. فالشركات هي الاخرى تقوم بواجبها تجاه المبدعين إذ تعبر بطريقتها الخاصة عن الاعتزاز بكل هؤلاء. في هذا السياق يأتي ما قامت به الخطوط النرويجية Norwegian Air Shuttle منذ عدة سنوات حينما طلت ذيل كل طائرة من طائرتها بصورة احد المبدعين والمبدعات، القائمة الطويلة التي اختارتها الخطوط النرويجية لم تقتصر على النروج فقط بل تعدتها لمختلف بلدان الشمال الخمسة وهي: السويد، الدنمارك، النروج، فنلندا وايسلندا.
النرويجية اختارت من النروج على سبيل المثال: الشاعر ايفار اونسن الملقب ابو اللغة النرويجية، كذلك بيورنستيارنه بيورنسون الاديب والكاتب الحائز على جائزة نوبل في الادب 1903 وكاتب كلمات النشيد الوطني النرويجي. مضافا لذلك صورة الرحالة الفذ ثور هايردال المتخصص في علم الأعراق وتاريخ انتقال الحضارات والذي صنع قارب دجلة ليعبر به المحيط الهندي مرتين من اجل ان يثبت فرضية تواصل السومريين مع الحضارات الاخرى عبر البحر، هايردال الذ جاب المحيطات بقواربه الصغيرة يبدو انه سيجوب السماء هذه المرة!.
من النروج ايضا روال أموندسون المستكشف للمناطق القطبية، ومكتشف خليج اموندسون. كاميلا كوليت كاتبة وناشطة نسوية. وايضا فريتيوف نانسين مستكشف وسياسي نرويجي حاصل على جائزة نوبل للسلام ناهيك عن غونّار سونستيبي احد ابرز الشخصيات الوطنية النرويجية التي قاومت الالمان، وايضا هنريك إبسن الكاتب والمسرحي شهير.
ومع ان الشركة نرويجية الا ان قائمة الاعتزاز بالمبدعين لم تقتصر على النرويجيين فقط، بل ضمّت مبدعين من بلدان مثل السويد، الدنمارك وفنلندا.
اما من الدنمارك فقط وقع الاختيار على جملة من الشخصيات المميزة ايضا من بينهم: الكاتب والشاعر هانس كريستيان أندرسن، بإسم هذا الكاتب جائزة معروفة في مجال ادب الاطفال توزع سنويا بالدنمارك. ثم الروائية كارين بلكسين، بعض اعمال هذه الاخيرة كانت مشاريع افلام سينمائية مميزة حصدت الاوسكار. ايضا المعماري الفذ يورن أوتسون والذي من اشهر اعماله دار أوبرا سيدني ومبنى مجلس الأمة الكويتي. ثم الموسيقار الدنماركي فيكتور بوركه، سورين كيركغور فيلسوف شهير بالإضافة الى هانز أورستد عالم في الفيزياء والكيمياء وغيرهم.
السويد هي الاخرى كانت لها حصة لا بأس بها من المبدعين على الطائرات النرويجية من بين هؤلاء الاديبة الشهيرة سلمى لاغرولف، والتي من ابرز اعمالها “نيلز العجيب” الذي حاز على جائزة نوبل للآداب عام 1909. كذلك الرسامة والاديبة السا بيسكوف. ثم ايضا مغنية الاوبرا ينّي ليند.
اما من فنلندا فوقع الاختيار على الناشطة والكاتبة مينا كانت، والاديب الفنلندي يوهان لودفيغ رونيبيرغ كاتب كلمات النشيد الوطني الفنلندي.
الخطوة ملفتة جدا وتستحق التوقف عندها لأنها جاءت هذه المرة من شركة تجارية مهووسة بالدرجة الاولى بجمع المال لكنها ارادت تكريم وتخليد الشخصيات الفذة على طريقتها الخاصة وبأسلوب جديد.