spot_img

ذات صلة

جمع

النرويج تعتزم تخصيص 118 مليون دولار لأوكرانيا لشراء قطع غيار لطائرات “إف-16”

أعلنت وزارة الدفاع النرويجية في بيان يوم الخميس أنها...

ارتفاع أسعار الإيجار في جميع أنحاء #النرويج 💸

على الرغم من تراجع التضخم في النرويج، تشهد أسعار...

النرويج تعزز قواعدها الضريبية ضد المليارديرات الهاربين

أعلنت النرويج عن خطط لسد ثغرة يستغلها الأثرياء لمغادرة...

عقارات بأبخس الأثمان: مبادرات أوروبية لإحياء الريف المهجور

هل تتخيل أن تمتلك قطعة أرض أو منزلاً في...

كيف تنفق النرويج من اموال صندوقها السيادي؟

نشرت مجلة “الايكونوميست” مقالة بعنوان: How Norway spends its $882 billion global fund “كيف تنفق النرويج من اموال صندوقها السيادي؟”

بعد مرور عقدين من اول ايداع نقدي من حكومة النرويج في الصندوق السيادي التابع لها، لا زال  امام هذا البلد الكثير لتعلمه في كيفيه ادارة اصول هذا المؤسسة التي تستخدم في ادارة عائدات مبيعات النفط والغاز النرويجية، حيث جمع الصندوق ثروات فاقت جميع التوقعات وذلك قبل هبوط اسعار النفط.

من الفوائد الاخرى التي جناها الصندوق بعد هبوط حوالي 46% من ايرادات النرويج من مبيعات النفط والغاز – هوتعاظم اهمية هذا الصندوق السيادي وخصوصا ان عوائده السنوية تتجاوز عائدات مبيعات النفط والغاز النرويجي اليوم.

مع حلول هذا الاسبوع ( 20 سبتمبر 2016)، بلغ تقييم “صندوق المعاش العالمي- Pension Fund Global” (الاسم الرسمي للصندوق السيادي النرويجي) بما قيمته  882 مليار(ثمانمئة واثنان وثمانون الف مليون)  دولار امريكي اواما يعادل اكثر من ضعف الناتج المحلي الاجمالي للنرويج.

يمتلك الصندوق 2% من جميع الاسهم للمدرجة في اوروبا ومساهمات في اكثر من 9.000 (تسعة الاف) شركة في 78 بلدا – منها شركات ابل ومايكروسوفت ونستله. يعمل الصندوق باستقلالية كوحدة منفصلة داخل هيكلية البنك المركزي النرويجي تشرف عليه وزارة المالية وتخضع لمراقبة البرلمان. يتم ادارة الصندوق بكل شفافية ووضوح مع توفر كل المعلومات المفصلة عن اي استثمار تابع له عبر الانترنت.

قد تستطيع الصناديق السيادية الاخرى نسخ هذه الهياكل لكن قد يصعب عليها نسخ القيم الاسكندنافية المبني عليها. تقول رئيسة صندوق المعاش العالمي النرويحي ان نموه جاء اسرع من المتوقع وان معدلات ثقة المواطنين بالمؤسسات السياسية النرويجية ساهمت في ادخار اكبر قدر ممكن من العائدات في الصندوق السيادي. بالاضافة لذلك تمنع قواعد الميزانية المعمول بها الحكومة النرويجية من سحب اكثر من 4% من عائدات الصندوق السنوية لتمويل ميزانية الحكومة نفسها.

حسب قول مارتن ساسكي – المشرف السابق على عمليات الصندوق من وزارة المالية – يرجع عامل الثقة للتجانس الثقافي والمستوى المرتفع للمساوة نسبيا مقارنة بتذكر جيلين سابقين معدلات الفقر المنتشرة  خصوصا في المناطق الريفية. مع ذلك فالتوقعات المرتقبة من الصندوق قد تتغير بتغير النرويج نفسها.

اصبح الكثير من النرويجيين من اصحاب مركبات تيسلا باهضة الثمن لا يخجلون من التباهي بثرواتهم الشخصية والكثير من الفئات العمرية تحت الخمسين عاما لا يعرفوالا العالم الذي يضم 5.2 مليون ثري نرويجي (عدد سكان النرويج مجتمعين).

الهجرة اعلى من اي وقت مضى وخصوصا مع تدفق اللاجئين السوريين ومنذ فترة طويلة ولا يزال يطالب حزب التقدم النرويجي -المعادي للمهاجرين- بصرف المزيد من اموال النفط على بلادهم لكن مع حلول النصف الاول من العام الحالي اخذت الحكومة من الصندوق اكثر من ما اودعته من عوائد النفط لاول مرة.

ابدى البعض قلقه من صعوبة رؤية كل هذه الاموال الضخمة المكدسة والمطالبة بشد الاحزمة في نفس الوقت حيث تعترف بعض المصادر المقربة للصندوق النرويجي بندرة الانظمة الديمقراطية التي تستطيع استدامة اي صناديق ثروات سيادية تابعة لها حيث يفضل السياسيين رؤيه انفاق امولا اكثر وفرض ضرائب اقل ومع ذلك ينفي هذا المصدر وجود اي ضغوط سياسية على الصندوق لتحقيق ذلك.

احدى الانتقادات الموجهة للصندوق هي تواضع نسب عوائدها الاستثمارية ( 5.5% في العام منذ 1998) واللذي يعكس التحفظ العالي الذي يسيطر على استراتيجياتها الاستثمارية. يجادل سوني كابور- احد اكبر منتقدي الصندوق النرويجي – ان هذه السياسة المتحفطة سببت بضياع فرص عوائد استثمارية في الاسواق النامية تصل اللى 150 مليار دولار وان سياسة الصندوق بالتركيز على الاقتصاديات الغنية تحمل مخاطرة تركيز عالي بدل توزيع المخاطرة بين عدة اسواق مختلفة. يقلل المدافعين عن استراتيجية الصندوق اهمية هذه الانتقادات بالجدل ان هناك فرص قليلة جدا في الدول الناشئة للولوج في استثمارات كبيرة هناك. لكن هذه ليست الانتقاد الوحيدة الموجه من قبل السيد كابور والاخرين.

في الانظمة الديمقراطية، تلعب المعايير الاخلاقية دورا في القرارات الاستثمارية السيادية ويدفعها في كثير من الاحيان ضغوطات المنظمات الغير حكومية بحيث قد تكون اهم من عوامل الربح نفسه – حيث يرفض الصندوق النرويحي الاستثمار في منتجات مثل صناعة التبغ والاسلحة واصبح اكثر تدقيقا في محفظة استثماراته بحيث لا يتردد عن الانسحاب من اي من استثماراته لوحاطت بها شبهات الفساد اواساءة استخدام مصادر المياه والطاقة اوشبهات استغلال عمالة الاطفال.

اصبح مسؤولي الصندوق النرويجي اكثر تأثيرا في تصحيح بعض الظواهر السلبية في استثمارتهم مثل الاجور العالية جدا لبعض المدراء التنفيذيين في بعض مساهماتهم. سيشارك الصندوق ايضا في مقاضاة شركة فولكس فاجن للسيارات لتخبط الاخيرة في التعامل مع تبعات فضيحة الانبعاثات الغازية المشهورة. في الواقع تم الايعاز للصندوق من قبل البرلمان النرويجي للمساهمة في محاربة التغيير المناخي لذا حوالي 1% من محفظتها مصنفة كصديقة للبيئة وقد توقفت عن الاستثمار في الشركات كثيرة التلويث والمتسببة في تقليص مساحات الغابات وشركات انتاج الفحم.

تسبب هذه القيود في العديد من الاشكاليات والتناقضات. على سبيل المثال يستمر الصندوق بالاستمرار في قطاع النفط حيث تعتبر حصته في شركة رويال دوتش شيل من اكبر استثماراتها. في المقابل يجادل مستشاري الصندوق حول اخلاقيات الاستثمار ان الاستثمار في قطاع النفط يساهم في انجاز اكبر انتشار لقواعد العمل الصحيحة في شركات النفط. في الواقع يصدر الصندوق، بالاضافة لرأس المال، القيم النرويجية نفسها.

قد ينقلب صندوق المعاش العالمي قريبا ضد المساهمة في منتجات اخرى مثل السكر والوجبات السريعة لمحاربة البدانة ولا يرى مسؤوليه اى توابع مالية جدية لوضع اكثر من 100 شركة في القائمة السوداء لكن لا ينكر مسئوليها حدوث بعض التبادل في الاولويات بين عوائد الاستثمار والمعايير الاخلاقية المبني عليها عمل الصندوق. اذ قد لا يترك المساهمون انفسهم (اي الشعب النرويجي) لهم الحرية الكاملة لعمل ما هوصائب اخلاقيا فقط على ما يجلب اكبر عوائد لهم.

ترجمه : غسان عتيقة
نص التقرير الاصلي على هذا (الرابط).

spot_imgspot_img