طالب وزير خارجية لوكسمبورغ بطرد المجر من الاتحاد الأوروبي بسبب منهجها متزايد العدائية تجاه اللاجئين.
ويتَّهم أصحاب هذه الحملة حكومة فيكتور أوربان الصارمة باستثارة مشاعر الأجانب لإعاقة خطة أوروبية لإعادة توطين طالبي اللجوء.
وقال جان أسيلبورن إن على المجر أن تُطرَد مؤقتاً أو حتى نهائياً من الاتحاد الأوروبي بسبب معاملتها طالبي اللجوء وكأنَّهم “أدنى من الحيوانات المتوحشة”.
وأضاف في حوار صحفي مع الصحيفة اليومية الألمانية Die Welt: “مَن يبني، مثل المجر، أسواراً تعيق اللاجئين نتيجةً للحروب أو مَن ينتهك حرية الصحافة والاستقلال القضائي، ينبغي إقصاؤه من الاتحاد الأوروبي مؤقتاً أو إلى الأبد إذا اقتضى الأمر”، حسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
وطالب أسيلبورن بتغيير قوانين الاتحاد الأوروبي لتسهيل طرد المجر، معتبراً ذلك “الطريقة الوحيدة للحفاظ على قيم الاتحاد الأوروبي وترابطه”.
الرد المجري
من جانبه، استخف وزير التجارة والشؤون الخارجية المجري بيتر سيجارتو بأسيلبورن بوصفه “شخصاً ضئيل الفكر” وبتعليقاته بوصفها “وعظية ومبالغ فيها ومحبَطة”.
وقال إنه لا يحق سوى للمجريين تحديد مَن يرغبون في الحياة معه، مضيفاً أنه لا يمكن لأي موظف من بروكسل أن يحرمهم من هذا الحق.
في تصريحٍ أصدرته الحكومة المجرية، أضاف سيجارتو “من المثير للفضول نوعاً ما أن يتحدَّث كلٌّ من جا أسيلبورن وجان كلود جانكر – الذين جاء كلٌّ منهم من بلد تحسين الضرائب – عن تشارك الأعباء سوياً. ولكنَّنا نفهم ما يعنيه هذا حقاً: أنَّ المجر ستتحمل الأعباء التي سبَّبتها أخطاء الآخرين”.
وطالبت منظمة هيومن رايتس ووتش أوروبا باستخدام “سلطاتها الإلزامية” ضد بودابست بعد الانتهاكات الموثقة لطالبي اللجوء والتي تقول إنها تخرق تعهدات المجر القانونية في ظل القانون الدولي والأوروبي.
كما تثير المجر القلق جراء حملة مضادة للاجئين تقودها حكومة أوربان لمقاومة محاولة فرض حصصٍ ملزِمة لطالبي اللجوء الذين سيُعاد توطينهم في الدول الأعضاء.
في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 2016، ستعقد المجر استفتاءً مثيراً للجدل على خطة إعادة التسكين، التي تتضمَّن إرسال 1294 طالبَ لجوءٍ إلى المجر. لقد أرسلت حكومة أوربان كتيباً من 18 صفحة إلى ملايين المنازل المجرية يحث المواطنين على رفض الخطة لأنَّ، كما يقول: “التوطين الجبري يهدد ثقافتنا وتقاليدنا”.
وانتقدت ليديا جال، الباحثة في شؤون أوروبا الشرقية بمنظمة هيومن رايتس ووتش، التي تسكن بودابست، الكتيب ووصفته بأنه “قاذورات دعائية مضادة للاجئين والأجانب مدعومة من الحكومة”.
واتهمت الاتحاد الأوروبي بـ”الصمت الفعلي” في مواجهة خطابٍ مثل هذا. ولكنَّها قالت إنَّ مطالبة أسيلبورن بطرد المجر من الاتحاد الأوروبي “ستضر أكثر ممَّا تنفع على الأرجح”.
محاكمة المجر
في رسالة إلكترونية لها إلى صحيفة “الغارديان”، قالت ليديا إنَّه ينبغي محاكمة المجر بدلاً من طردها. فكتبت: “لدى الاتحاد الأوروبي أدوات جيدة لمواجهة مشاكل حقوق الإنسان في الدول الأعضاء. ولكن ينبغي أن يكون التركيز على توليد الرغبة السياسية لاستخدام هذه الآليات لمحاسبة المجر، بما فيها، محكمة العدل، إذا اقتضت الضرورة”.
يشمل كتيب المجر صورةً للمهاجرين وطالبي اللجوء مصطفِّين من أجل دخول أوروبا، وهي صورة شبيهة بملصق “نقطة الانهيار” الذي أطلقه نايغل فاراج، الزعيم السابق لحزب الاستقلال بالمملكة المتحدة خلال حملة استفتاء الاتحاد الأوروبي، الذي تعرَّض لانتقادات كثيرة.
يقول العنوان الذي يعلو صورة الصف “لدينا الحق في تقرير مَن الذي نريد أن نعيش معه”، وفقاً لترجمة الموقع الإخباري Budapest Beacon.
وقالت ليديا إنَّ كتيب المجر أسوأ من ملصق حزب الاستقلال. وأضافت “بينما كان ملصق حزب الاستقلال مقزِّزاً، لا يمكن مقارنته بالحملة المضادة للمهاجرين واللاجئين في المجر من حيث الحجم”.
وأضافت في تدوينة “يحتوي الكتيب على حقائق مشوهة عن أزمة اللاجئين الأوروبية، فيصوِّر المهاجرين وطالبي اللجوء خطراً على مستقبل أوروبا”.
ويربط بين الهجرة والإرهاب المتزايد، ويشير إلى أماكن غير موجودة بوصفها مناطق “ينبغي تجنُّب الذهاب إليها” في المدن الأوروبية ذات العدد الكبير من المهاجرين، بما فيها لندن وباريس وبرلين، حيث يزعم أنَّ السُلطات قد فقدت السيطرة وحيث يغيب النظام والقانون.
اللاجئون المجريون
وأضافت أيضاً: “منذ 60 عاماً وجد مئات الآلاف من المجريين مأوى من الاضطهاد في أجزاء أخرى من أوروبا وأميركا الشمالية. إذا ذكَّرت الحكومة المجرية نفسها والمجريين بذلك التاريخ، ربما يسهم ذلك في موقف أكثر إيجابيةً وترحيباً بأولئك القادمين من سوريا ومن أماكن أخرى ساعين وراء الأمان في المجر اليوم”.
وتسبَّب خطاب المجر القاسي عن المهاجرين في عزلها خلال ذروة أزمة اللاجئين في سبتمبر/أيلول 2015، ولكن في العام السابق للأزمة، أصبح أوربان شخصاً محورياً في السياسة الأوروبية على نحوٍ متزايد.
وتساند النمسا، التي اتَّبعت ألمانيا في البداية عبر الاستجابة للاجئين بتعاطفٍ، المجر الآن في مطالبتها بحلٍّ على الطراز الأسترالي لأزمة اللاجئين (إبقاء اللاجئين في مراكز احتجاز خارج البلاد).
قال جيرالد نوس، رئيس مبادرة الاستقرار الأوروبي، ومقرها برلين، لصحيفة الغارديان: “في سبتمبر/أيلول 2015 كان أوربان هو الشخص السيئ. ولكن مع نهاية العام كان قائد تحالفٍ من الدول. ومع محاولة النمسا الآن الترويج لنظام على الطراز الأسترالي، ألمانيا هي الطرف المعزول”.
نهاية الليبرالية
ولكن رؤية أوربان تمتد كثيراً وراء مجرَّد صدّ المهاجرين. في خطبة ألقاها أوربان العام الماضي، وصف ما رآه بأنَّه هلاك أوروبا الليبرالية.
وقال لمؤيِّديه في الخريف الماضي: “نحن نمرّ الآن بنهاية حقبة: حقبة الأيديولوجيا الأسطورية. إذا وضعنا الادِّعاءات جانباً، يمكننا أن نطلق على هذه الحقبة ببساطة حقبة الثرثرة الليبرالية، وصلت هذه الحقبة الآن لنهايتها”.
ومنذ أسبوع استمر أوربان في ترديد هذه الحجة في المؤتمر الصحفي مع السياسي البولندي اليميني ياروسلاف كاتسينكسي، الذي طالب فيه بمراجعة أوروبا ومؤسَّساتها لصالح رؤية يمينية. وقال أوربان: “نحن في لحظة ثقافية تاريخية، هناك احتمال لقيام ثورة ثقافية مضادة الآن”.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.